-->
U3F1ZWV6ZTczODgxNjA1NzJfQWN0aXZhdGlvbjgzNjk3NjY4OTI5

اثار بيع العقار وفق القواعد العامة والقواعد الخاصة

اثار بيع العقار وفق القواعد العامة والقواعد الخاصة


المبحث الأول: آثار عقد البيع العقاري وفق القواعد العامة

    كلما تم إبرام عقد البيع بكيفية صحيحة بأن استوفى جميع أركانه وشروطه إلا ورتب عند تنفيذه آثار بين عاقديه.
وآثار عقد البيع هي الالتزامات الناتجة عنه باعتبار أن البيع يعد من العقود الملزمة للجانبين، حيث يولد التزامات متقابلة على عاتق كل من البائع والمشتري إذ أن البائع يلتزم بنقل الملكية وتسليم المبيع وضمانه (المطلب الأول) ، بينما يلتزم المشتري بدفع الثمن النقدي وتسلم المبيع وبتحمل نفقات البيع (المطلب الثاني).



المطلب الأول:الآثار المترتبة عن تنفيذ عقد البيع بالنسبة للبائع

الفقرة الأولى: الالتزام بنقل الملكية

تنتقل الملكية في التشريع المغربي بمجرد تمام العقد، وذلك وفقا لما جاء به الفصل 491 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن المشتري يكتسب بقوة القانون ملكية الشيء المبيع بمجرد تمام العقد بتراضي طرفيه. إلا أن هذا المبدأ المكرس تشريعيا لا يترك على إطلاقه إذ أن هناك الكثير من الحالات التي يتأخر فيها هذا الانتقال إلى وقت لاحق.
إن انتقال ملكية المبيع في عقد البيع تعتبر من آثار هذا العقد وليس التزاما يقع على البائع، ذلك أن نقل الملكيةهو جوهر عقد البيع ولا يتصور وجوده إلا بانتقال الملكية في الحال أو في المآل ما دامت أركانه وشروطه قد تحققت حسب الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود ومن نتيجة ذلك كسب المشتري للحق المبيع بقوة القانون كما جاء في  الفصل 491 من قانون الالتزامات والعقود وقد اختلف الفقهاء ولم يجمعو على رأي واحد، بخصوص هذه المسألة وهو ما أبرز اتجاهين فقهيين، اتجاه أول وسع من نطاق مبدأ انتقال الملكية اعتمادا على الفصل 491 من قانون الالتزامات والعقود، أما الاتجاه الثاني فقد قلص من نطاق مبدأ الملكية حيث اعتبروا أن منطوق هذا الفصل لا يشمل كل البيوع الواردة على الأشياء المعنية بالذات وإنما يقتصر على تلك المتعلقة بالمنقول الذي يقوم على قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ويبقى الرأي الأخير هو الراجح على اعتبار أن المشرع المغربي جعل انتقال الملكية في البيوع العقارية متوقف على احترام شكلية الكتابة والتسجيل بحسب ما إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ.
فالبيوع العقارية تعتبر من أهم الحالات التي يتوقف فيها انتقال الملكية على احترام شكلية الكتابة والتسجيل، فإذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ أو حقوق عقارية أو أشياء منقولة يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون لذلك أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون طبقا للفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود.
أما إذا تعلق الأمر بعقار محفظ، فإنه بالإضافة إلى عنصر الشكلية، فإنه يتعين تقييده بالرسم العقاري وفقا لمقتضيات الفصلين 66 و 67 من قانون 07-14 المتعلق بالتحفيظ العقاري وبخصوص الإشكال الذي كان مثارا بخصوص الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود من حيث نوع المحرر الذي يفرغ فيه العقد، والشخص المحرر له، فإن المادة 4 من قانون 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية والمتممة بمقتضى القانون رقم 16-69 حلت هذا الإشكال حيث نصت على إلزامية تحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك.
ويتم توقيع العقد المحرر من المحامي والتأشير على صفحاته من الأطرف و من الجهة المحررة له، كما تصحح إمضاءات الأطرف من لدن السلطات المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها.
كما أنه وفي إطار مبدأ سلطان الإرادة، يحق للمتعاقدين الاتفاق على تأخير نقل الملكية للمشتري لاعتبارات موضوعية أو شخصية، وهذا ما نجده في بيوع الاستصناع وبيوع الخيار والبيوع المعلقة على شرط واقف، ومن النماذج التي تجعل البيع معلقا على إحدى الشروط هنا كالبيع مع الاحتفاظ بالملكية إلى حين الوفاء بكامل الثمن النقدي .
وقد رتب المشرع المغربي إلى جانب انتقال الملكية آثار فرعية تتمثل في أنه بمجرد تمام العقد يكون لطرفيه حرية التصرف في الشيء المبيع والثمن ما لم يتفقا على خلاف ذلك، وذلك طبقا للفصل 492 من قانون الالتزامات والعقود كما يتحمل المشتري الضرائب وغيرها من التحملات ومصروفات حفظ ثماره وتبعة هلاكه، من تاريخ إبرام عقد البيع في محرر رسمي أو ثابت التاريخ وتقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار محفظا، إلا أن البائع يبقى متحملا لتبعة هلاك المبيع إذا بقي في حوزته حسب مقتضيات الفصل 496 من قانون الالتزامات والعقود.

الفقرة الثانية: الالتزام بتسليم الشيء المبيع

أولا: المقصود بالإلتزام بالتسليم وأنواعه

1-المقصود بالإلتزام بالتسليم
يعد الالتزام بالتسليم من بين الالتزامات الجوهرية التي تقع على عاتق البائع بعد تمام العقد، وقد عبر عنه المشرع في الفصل 498 من قانون الالتزامات والعقود، وبذلك يتعين على المشتري أن يحوز المبيع حيازة هادئة وينتفع به انتفاعا كاملا، ولا يتأتى ذلك إلا بعد تخلى البائع عن حيازة المبيع ووصفه تحت تصرف المشتري، ويعد هذا الالتزام التزاما ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة.
وبذلك فإن التسليم والتسلم وهما وجهان لعملة واحدة لا يتحقق الغرض من المبيع إلا بحصولهما معا.
وتجدر الإشارة إلى أن التسليم يختلف حسب نوع المبيع وهو ما يستشف من خلال الفصل 500 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص في فقرته الأولى على أن تسليم العقارات يتم بتخلي البائع عنها، وبتسليم مفاتيحها إذا كانت من المباني ويشترط ألا يكون ثمة عائق يمنع المشتري من وضع اليد عليها، وحسب مقتضيات الفصل 512 من قانون الالتزامات والعقود فإنه يجب تسليم الشيء في الحالة التي كان عليها عند البيع، حيث يمتنع على البائع إجراء التغيير فيه ابتداء من هذا الوقت ونص الفصل 516 من قانون الالتزامات والعقود على أن الالتزام بتسليم الشيء يشمل أيضا توابعه وفقا لما يقضي به اتفاق الطرفين أو يجري به العرف، فيبيع الأرض مثلا يشمل ما يوجد فيها من مباني وأشجار كما يشمل المزروعات التي تنبت والثمار التي لم تعقد، وبيع البناء يشمل الأرض التي أقيم عليها كما يشمل ملحقاته المتصلة به اتصال قرار كالأبواب والنوافذ، ويشمل بيع العقار كذلك الخرائط وتقدير المصروفات والحجج والوثائق المتعلقة بملكيته، وإذا تعلقت حجج الملكية بالمبيع وبغيره من الأشياء التي لا تدخل في البيع، لم يكن البائع ملزما إلا بأن يسلم نسخة رسمية للجزء المتعلق منها بالعين المبيعة.

2-أنواع التسليم

أ-التسليم المادي أو الفعلي
أو كما يسمى أحيانا بالتسليم الحقيقي وهو الذي يلازمه مظهر خارجي أو علامة بارزة تدل عليه تفيد انتقال الحيازة، فإذا كان البائع يسكن منزلا فيجب عليه أن يخليه وأن يخرج ماله من أثاث وأمتعة فيه، وإذا كانت أرضا زراعية وجب عليه أن يتركها، وقد يقتضي الأمر أبعد من ذلك كتسليم مفاتيح الدار ومستندات ملكية البائع للمنزل أو الأرض حتى يتمكن المشتري من التعامل مع المستأجرين.

ب-التسليم الافتراضي أو الحكمي
وهو يتخذ في الغالب صورتين، الأولى أن يكون المبيع في حيازة المشتري قبل البيع بإجارة أو وديعة أو رهنا... والثانية أن يبقى المبيع بين يدي البائع لا بصفته مالكا له بل بصفته مودعا لديه أو مدين أو مكتري... باعتبار أن الملكية قد انتقلت إلى المشتري.

ثانيا: ظروف التسليم وآثار عدم تنفيذ الالتزام بالتسليم

1-ظروف التسليم

أ-زمان تسليم المبيع

ويظهر بجلاء من خلال الفصل 504 من قانون الالتزامات والبائع الذي يستلزم أن يحصل التسليم فور إبرام العقد إلا ما تقتضيه طبيعة الشيء أو العرف من زمن.
ب-مكان تسليم المبيع
فإذا كان المبيع موجودا في مكان المتعاقدين أي في وطن واحد، فإن أحكام الفصل 500 من قانون الالتزامات والعقود هي الواجبة التطبيق أخذا بعين الاعتبار ما إذا كان المبيع عقارا أو منقولا أو حقا معنويا. أما إذا كان أطراف العقد في دولتينموختلفتين، فإن حيازة المبيع من قبل المشتري لا تتم إلا بنقل المستندات التي تمثل المبيع.

2-آثار عدم تنفيذ الالتزام بالتسليم

إذا امتنع البائع عن تسليم المبيع كليا أو جزئيا أو تأخر في تسليمه أو سلم المبيع في غير الحالة التي كان عليها وقت البيع أو أورد التسليم في المكان أو الزمان غير المتفق عليه جاز للمشتري أن يطالبه بالتنفيذ العيني وتحقق هذا الأخير يستلزم توفر شرطين.
الشرط الأول: أن يقوم المشتري بإنذار البائع بالتنفيذ العيني ما لم يكن للالتزام بالتسليم أجل حسب الفصل 255 من قانون الالتزامات والعقود.

الشرط الثاني: أن يكون التنفيذ العيني للإخلال بالتسليم ممكنا.

ومتى تحقق الشرطان يصبح البائع مسؤولا عن التعويض لتماطله في تنفيذ التزامه بتسليم المبيع وذلك من تاريخ تسلمه للإنذار.
وإذا رفض البائع تسليم المبيع أمكن للمشتري اللجوء إلى القضاء لإجباره على تنفيذ التزامه وله الامتناع عن الوفاء بالثمن اعتمادا على مقتضيات الفصل 235 من قانون الالتزامات والعقود، وعلاوة على ذلك يمكن للمشتري طلب فسخ العقد طبقا للفصل 259 من قانون الالتزامات والعقود، كما قد يتحقق الفسخ بقوة القانون إذا اتفق عليه المتعاقدان بمجرد حصول ذلك الإخلال، كما أنه إذا هلك المبيع أو تعيب بفعل البائع أو بخطئه كان للمشتري الحق أن يطالب بقيمة الشيء أو بتعويض يعادل النقص في قيمته إذا كان الخلل غير جسيم.
إذا فالبائع يسأل عن عدم وفائه بواجب التسليم إما بفسخ العقد أو إنقاص الثمن، ويلزم على المشتري رفع الدعوى ضد البائع خلال سنة من تاريخ العقد أو من تاريخ التسليم حسب الفصل 531 من قانون الالتزامات والعقود.

الفقرة الثالثة: الالتزام بضمان الشيء المبيع

أولا: ضمان التعرض والاستحقاق

1-ضمان التعرض

ينص الفصل 533 من قانون الالتزامات والعقود على أن البائع يلتزم بالكف عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش على المشتري أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها بحسب ما أعد له المبيع والحالة التي كان عليها وقت البيع.
والتعرض الذي يصدر عادة من البائع يكون إما ماديا، وهو كل تصرف مادي يقوم به البائع ويكون من شأنه الإضرار بالمشتري، كبيعه نفس المبيع لمشتر آخر وإقدامه على منافسته غير الشريفة للمشتري بعد تفويت المبيع إليه، أويكون تعرضا قانونيا وهو الذي يستند إلى وجود حق قانوني سابق كان تابثا للبائع سواء أكان من الحقوق الشخصية أو العينية، بيد أن البائع يلتزم أيضا بدفع التعرض الصادر عن الغير كذلك ولكن بتوافر شرطين، أحدهما أن يكون تعرض الغير قانونيا لا ماديا، وأن يكون سبب التعرض مرتبطا بفترة ما قبل التعاقد كأن يدعي الغير ملكيته للمبيع قبل قيام البائع ببيعه للمشتري، وبذلك فإذا حدث تعرض الغير بعد إتمام البيع فلا يضمنه البائع اللهم إذا كان هو المتسبب فيه.
وبذلك فهذا التعرض يفرض على البائع بأن يدفع التعرض عينيا، وإذا لم يفلح في ذلك فإن مسؤوليته تنعقد طبقا للفصل 534 من قانون الالتزامات والعقود بأن يضمن الاستحقاق، وهنا يتعين إدخال البائع في دعوى الاستحقاق حسب الفصل 537، وهذا الإدخال من شأنه أن يقلص وقت الدعوى وإجراءاتها.

2-ضمان الاستحقاق

يراد بالاستحقاق انتزاع المبيع من المشتري، أو تهديده بانتزاعه منه، وهو غالبا ما يكون مسبوقا بالتعرض الذي يمهد له، وقد نص عليه المشرع في الفصل 534 من قانون الالتزامات والعقود، ويشمل الاستحقاق كل الحالات التي يفقد فيها المشتري حقه في التملك كلا أو جزءا كأن يدعي شخص ملكية الشيء المبيع بعقد بيع سابق أو ميراث أو غيرها، أو أن يكون المبيع مثقلا بحقوق ارتفاق غير ظاهرة أو حقوق عينية لم يصرح بها البائع، وينقسم ضمان الاستحقاق إلى استحقاق كلي يحق فيه للمشتري طلب استرداد الثمن والمصروفات التي دفعها والخسائر المترتبة عن الاستحقاق، وهناك استحقاق جزئي حيث أنه إذا بلغ حدا من الأهمية حيث أن المشتري ما كان ليقبل بالشراء لو علم به يكون المشتري عنده مخيرا بين فسح البيع واستراداد الثمن، وبين الاحتفاظ بالشيء المبيع في حدود الجزء غير المستحق مع المطالبة باسترداد جزء من الثمن يوازي حجم هذا الاستحقاق، أما إذا لم يبلغ القدر الكافي لتبرير الفسخ يبقى للمشتري الحق في إنقاص الثمن بالقدر المستحق.

3-ضمان العيوب الخفية

أولا: الشروط التي يضمن بها العيب

1-أن يكون العيب قديما

بمعنى العيب السابق للبيع، أو بمعنى أصح العيب الموجود قبل انتقال الملكية أو عند انتقالها كحد أقصى، ففي الأشياء المثلية يؤخذ بوقت التسليم، أما الأشياء العينية فيؤخذ بوقت انعقاد البيع، وهو ما يستشف من الفصل 552 من قانون الالتزامات والعقود.
لذا فإن عبء إثبات قدم العيب يقع على عاتق المشتري، أما عبء إثبات خطأ المشتري فيقع على عاتق البائع وهذا الإثبات ممكن بكافة الوسائل.

2-أن يكون العيب مؤثرا

أي ينقص من قيمة الشيء نقصا محسوسا أو يجعله غير صالح للاستعمال في ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد، بحيث لو كان المشتري يعلم به لأحجم عن إبرام العقد، أو على الأقل لم يقبل بالشراء بالثمن المتفق عليه وإنما بثمن أقل، وهو ما نص عليه بمقتضى الفصل 549 من قانون الالتزامات والعقودكشراء عقار به تشققاتوتقدير العيب المؤثر أم لا يرجع للقاضي يفصل فيه على ضوء الواقع.

3-أن يكون العيب خفيا

غير ظاهر حيث لا يرى بالعين المجردة ولا يدرك ببقية الحواس وإنما يتطلب اكتشافهتجربة المبيع مدة زمنية كمن يشتري منزلا معدا للسكنى ثم يكتشف في فصل الشتاء أن مياه المطر تتسرب بداخله، وصفة العيب لجهة القول بأنه خفي أو ظاهر تختلف بين المشتري العرضي غير الممتهن وبين المشتري المهني الخبير، وهو ما يقتضي إعمال المعيار الشخصي أو الذاتي بالنسبة للخبير، وإعمال المعيار المادي بالنسبة للشخص العادي.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع أدرج ضمن دائرة هذا الضمان ما اصطلح عليه "ضمان الصفات" كانت مشروطة من لدن المشتري أم مكفولة من طرف البائع كما سوى في الحكم بين تخلفهما وبين تحقق العيب دون أن يعني ذلك أنهما يستلزمان نفس الشروط، فالمهم أن تكون الصفات غير موجودة عند البيع بالنسبة للشيء المعين بالذات وعند التسليم إذا كان المبيع معينا بالنوع.

ثانيا: دعوى ضمان البيع

الدعوى وسيلة قانونية يستعملها المشتري لما يتحقق العيب الخفي أو تتخلف الصفات المشروطة أو المصرح بوجودها في الشيء المبيع، غير أن ممارستها رهينة باحترام إجراءات معينة منها أساسا ضرورة إخطار البائع بوجود العيب أو تخلف الصفات وإثبات العيب الموجب للضمان مع مراعاة الأجل المحدد قانونا لقبول دعوى الضمان، ويبدأ احتساب مهلة الإخطار منذ تسليم الشيء المبيع إلى المشتري إذا كان العيب مما يمكن التوصل إليه بالفحص العادي، أما إذا كان يتعذر الوصول إلى معرفته بمثل هذا الفحص، فإن مدة سريان الإخطار تبتدئ من يوم اكتشاف العيب الموجب للضمان.
ويجب على المشتري إقامة دعوى الضمان في الأجل المحدد لها قانونا تحت طائلة سقوطها بالتقادم بحيث يجب رفعها بالنسبة للعقارات خلال 365 يوما بعد التسليم، وبالنسبة للأشياء المنقولة والحيوانات خلال 30 يوما بعدالتسليم مع جواز تمدييد هذه الآجال أو تقصيرها باتفاق المتعاقدين بشرط أن يكون قد أرسل إلى البائع الإخطار المذكور سابقا.
وبالتالي فإذا ثبت وجود العيب فللمشتري الحق في فسخ العقد، أو إنقاص الثمن.

1-الحق في فسخ العقد

إذا أثبت المشتري العيب وقام بما يلزم من إجراءات حق له أن يطلب فسخ العقد، ليسترد البائع المبيع وتوابعه وثماره كما يكون للمشتري استرداد الثمن والمصروفات وتعويض الخسائر التي قد يسببها له المبيع.
وإذا وقع البيع على أشياء يمكن تجزئتها حق للمشتري طلب الفسخ الجزئي، وإذا كان العكس فالفسخ الكلي.

2-الحق في إنقاص الثمن

وذلك إذا تعيب المبيع بخطأ المشتري أو بخطأ من يسأل عنهم، أو إذا استعمل الشيء قبل أن يعرف عيبه ويترتب عن هذا الاستعمال نقصان محسوس في قيمته.
وقد تضمن الفصل 560 من قانون الالتزامات والعقود طريقة إنقاص الثمن والمتمثلة في تقويم المبيع على أساس خلوه من العيب عند إبرام العقد ثم تقويمه على الحالة التي يوجد عليها.
وحسب الفصل 572 من قانون الالتزامات والعقود فإن دعوى الضمان تنقضي إذا تنازل المشتري عنها صراحة بعد علمه بالعيب، وإذا باع المشتري الشيء بعد علمه بالعيب أو تصرف فيه وإذا كان المشتري قد خصص الشيء لاستعماله الشخصي وظل يستعمله بعد علمه بالعيب.
كما تجدر الإشارة إلى أنه ليس للمشتري الحق في استرداد الثمن أو إنقاصه إذا تعذر عليه رد المبيع في حالة، هلاك المبيع بخطأ وقع منه، سرقة المبيع من المشتري، أو تحويل الشيء المبيع على نحو يصير معه غير صالح لاستعماله فيما أعد له أصلا.

المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن تنفيذ عقد البيع بالنسبة للمشتري

يلتزم المشتري بموجب عقد البيع بالتزامات ثلاثة الوفاء بالثمن و تحمل مصروفات المبيع وتسلم المبيع ,ويبدو جليا ذلك من خلال الفصل  576 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن المشتري يقع على عاتقه التزامين أساسيين الالتزام بدفع الثمن والالتزام بتسلم الشيء المبيع .
من خلال مقتضيات هذا الفصل يتبين لنا أن المشتري يقع عليه التزامين اساسيين:
التزام بدفع الثمن (الفقرة الأولى) , والالتزام بتسلم المبيع (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : التزام المشتري بدفع الثمن

أولا: زمان ومكان أداء الثمن

يعتبر الالتزام بأداء الثمن من أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المشتري بحيث يتوجب عليه أداء هذا الثمن في التاريخ والمكان المحددين في عقد البيع وعند السكوت يعتبر قد أبرم معجل الثمن ويلتزم المشتري بدفعه في نفس وقت حصول التسليم.
ودفع الثمن هو الالتزام الأساسي الواجب على المشتري وليس من الضروري أن يكون المشتري هو الملتزم بدفع الثمن , فقد يلتزم الغير في نفس العقد بدفع الثمن وتكون ملكية المبيع للمشتري ليقابل ذلك الالتزام نقل ملكية المبيع إلى البائع.
والثمن هو مبلغ من النقود يتفق عليه فالمتعاقدان إذ أن الثمن يجب أن يكون نقديا ومحددا أو على الأقل قابل للتحديد وأن يكون جديا وحقيقيا لاصوريا فإذا توفرت هذه الشروط في الثمن فقد صح وأصبح واجب الوفاء به , وإذا كانت طريقة أداء الثمن تتم عن طريق أدائه بالنقود المتداولة في البلد الذي حصلت فيه المعاملة ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك كأن يتم الوفاء بعملة أجنبية.
و بالإضافة للأداء النقدي فإن الوفاء بالثمن قد يتم عن طريق الشيكات والأوراق التجارية والحولات البنكية مثلا...
وفي كل الأحوال لا يعتد بهذه الوسائل من غير النقود إلا إذا كانت مقبولة من طرف البائع وحصل استيفاء مقابلها فعلا.
وبالنسبة لزمن الأداء فقد جرى العرف أن يحصل أداء الثمن داخل أجل محدد وبأقساط معينة, افترض في المتعاقدين أنهما ارتضيا إتباع حكمه ما لم يشترط العكس (الفصل 578 من قانون الالتزامات والعقود) , و إذا منح اجل لأداء الثمن بدأ سريانه من وقت إبرام العقد ما لم يتفق المتعاقدان على وقت آخر (الفصل 579 من قانون الالتزامات والعقود).
أما بالنسبة لمكان الوفاء بالثمن قد يتم بالمكان الذي يوجد به الشيء المبيع ما لم يحصل الاتفاق على خلاف ذلك ويتبين من هذا الافتراض أن أداء الثمن يتعين الوفاء به في نفس المكان الذي يتم فيه التسليم لأن المشرع قد أكد في أكثر من مناسبة على أن القواعد المحددة لظروف زمان العقد ومكانه سواء تعلقت بالتسليم أو بأداء الثمن ليست من النظام العام لذلك ليس هناك ما يمنع الأطراف المتعاقدة من الاتفاق على هذه القواعد المكملة.

ثانيا : حكم عدم الوفاء بالثمن

من بين الالتزامات الملقاة على عاتق المشتري نجد الالتزام بأداء الثمن المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 576 من قانون الالتزامات والعقود
بحيث يتوجب على المشتري أداء مقابل تسلم المبيع من طرف البائع لكن قد يقع إخلال بهذا الالتزام ويكون للبائع عند عدم وفاء المشتري بالثمن أن يطلب فسخ العقد بقوة القانون وهذا ما ينص عليه الفصل 581 من قانون الالتزامات والعقود إذا اشترط بمقتضى العقد أو العرف المحلي أن البيع يفسخ إذا لم يؤدى الثمن, فإن العقد ينفسخ بقوة القانون بمجرد عدم أداء الثمن في الاجل المتفق عليه ".
فعدم الوفاء قد يكون راجع إلى أسباب مشروعة وقد لا يكون له أي مبررات.
فعدم الوفاء الراجع لأسباب مشروعة يكون بمثابة رد فعل سلبي من المشتري حتى يتم إرغام البائع على الوفاء بالتزامه المقابل بحيث أن الثمن يعتبر وسيلة من وسائل الدفع بعم التنفيذ وهذا ما أشار إليه المشرع في الفصل 583 من ق. ل. ع. في مقابل ذلك يحق للبائع إذا أخل المشتري بالتزامه بأداء الثمن أن يلزمه بالتنفيذ الجبري (الفصل 259 من ق. ل ), وأن ينفد على المبيع و إن كانت ملكيته قد انتقلت إلى المشتري له عليه حق امتياز بحيث يتقدم على سائر دائنيه.

الفقرة الثانية : الالتزام بتسلم المبيع





الاسمبريد إلكترونيرسالة