الدعوى العمومية
الدعوى العمومية هي الطريقة التي تخول للمجتمع ( الذي تمثله النيابة العامة ) حق ايقاع الجزاء على المجرم الذي ثبث اجرامه بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها قانونا فما هي اطراف الدعوى العمومية ؟ وما هي قيود الدعوى العمومية ؟ للاجابة عن هده الاسالة سنتبع التصميم التاليالمبحث الأول :الأطراف الذين لهم حق إقامة الدعوى العمومية
المبحث الثاني : الطرف المدعى عليه في الخصومة الجنائية.
المبحث الثالث : قيود هذه الدعوى و سقوطها.
المبحث الأول : الأطراف الذين لهم حق إقامة الدعوى العمومية
بالرجوع الى مقتضيات قانون المسطرة الجنائية نجد أن هناك أطراف مخول لهم حق اقامة الدعوى العمومية بصفة أصلية ، و آخرين بصفة استثنائية ، و ذلك على الشكل التالي :المطلب الأول : النيابة العامة كجهة أصلية ممارسة للدعوى العمومية
انطلاقا من المادة 36 ق.م.ج فللنيابة العامة حق اقامة الدعوى العمومية، وممارستها، ومراقبتها،و سنشير في هذه النقطة الى طرق ممارسة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك باعتباره ممثل للنيابة العامة أمام المحاكم الإبتدائية بمساعدة نائب له أو عدة نواب،ثم من طرف الوكيل العام للملك بصفته ممثلا لها أمام محاكم الإستئناف بمساعدة نوابه.الفقرة الأولى: ممارسة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك
يمارس وكيل الملك الدعوى العمومية في المخالفات والجنح المرتكبة في دائرة نفوذه و ذلك على التفصيل التالي:أولا: بالنسبة للمخالفات
تقام الدعوى العمومية بخصوصها بأحد الطرق التالية:
1/ السند القابل للتنفيذ : فالنيابة العامة تقترح على المخالف الذي ثبتت مخالفته بمقتضى محضر أو تقرير (1)،و لم يظهر فيها متضرر،و المعاقب عليها بالغرامة بأدئه نصف الحد الأقصى المقررة لتلك المخالفة،و في حالة اعتراضه على ذلك تحال القضية للجلسة وفق المسطرة العادية.
2/ الإستدعاء للجلسة : و هي الطريقة العادية لإقامة الدعوى العمومية،إذ أن وكيل الملك يوجه استدعاء للمتهم لحضور الجلسة.
ثانيا: بالنسبة للجنح
إستدعاء المتهم للجلسة : و يستدعى لها المسؤول المدني في حالة وجوده.
الإحالة المباشرة و الفورية للجلسة : و ذلك دخل أجل ثلاثة أيام من استنطاقه،اذا توفرت حالة التلبس ،أو إذا لم تتوفر في مرتكب الجنحة الضمانات الكافية للحضور،غير أنه يمكن لوكيل الملك أو نائبه متابعته في حالة سراح متى توفرت هذه الضمانات،أو مقابل كفالة مالية أو شخصية.
المطالبة بإجراء التخقيق : و هذه الإمكانية متاحة لوكيل الملك متى كان الحد الأقصى المقرر للجنحة يصل إلى خمس سنوات،أو إذا كان مرتكبها قاصرا ( يقل عمره عن 18 سنة).
الأمر القضائي في الجنح: إذ يمكن لوكيل الملك إذا كانت الجنحة المرتكبة معاقب عليها بغرامة فقط لا تتجاوز 5000 درهم،و ثابثة بمقتضر محضر أو تقرير و لم يظهر فيها متضرر ،أن يلتمس من القاضي اصدار مقرر قضائي في غيبة المتهم يقضي بأدائه لغرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى المقرر،و يبلغ للمتهم و للمسؤول المدني ان وجد،و إذا تم رفض هذا المقرر تحال القضية الى المحكمة وفق الطريقة العادية.
المحضر ذا طبيعة رسمية ويتميز بمايلي:
- انه يجب ان يتضمن مجموعة ن البيانات كاسم محرره وصفته وتوقيعه من جهةواسم وتوقيع صاحب المحضر بالاضافة الى وقائع المحضر
- انه لا يمكن تحريره الامن طرف صاحب الصفة التي ينص عليها القانون كمحضر الشرطة والدرك والجمارك وكتابةالضبط
- انه وثيقة رسمية وحجة قاطعة على الوقائع النتضمنة فيه ولا يمكن الطعنفيه الا بالزور او ببطلانه
التقرير ذا طبيعة فنية ويتميز بما يلى:
- انهيتضمن وقائع معينة في اي شكل كان
- انه يتناول مسائل فنية وغيرقاطعة.
الفقرة الثانية: ممارسة الدعوى العمومية من طرف الوكيل العام للملك
يمارس الوكيل العام للملك الدعوى العمومية في الجنايات،و في الجنح المرتبطة بها أو تلك التي لا تقبل التجزأة عنها(2) المرتكبة في دائرة نفوذه، و ذلك على الشكل التالي :
الإحالة المباشرة على الجلسة : و يكون ذلك في الحالة التي تكون فيها الجناية متلبس بها (3) و كان التحقيق فيها غير الزامي ،وكانت القضية جاهزة للحكم ،وذلك بعد استنطاق المتهم عن هويته و اشعاره بحقه في تنصيب محام أو تنصيبه له من طرف المحكمة،و استفساره عن المنسوب اليه من تُهم، و يقدم المتهم داخل أجل لا يقل عن 5 أيام و لا يتعدى 15 يوما.
و إن كانت التهمة جنحة مرتبطة بجناية فيمكن للوكيل العام للملك متابعة صاحبها في حالة سراح مقابل كفالة مالية أو شخصية.
المطالبة باجراء تحقيق : يكون إجراء التحقيق الزاميا في الحالات التالية :
ــ في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو تلك التي يصل فيها الحد الأقصى للعقوبة 30 سنة،
ــ في الجنايات التي يرتكبها الأحداث
و يبقى التحقيق إختياريا في باقي الجنايات الأخرى.
تنص المادة 257رمن ق.م.ج على أنه " تكون الجرائم مرتبطة في الأحوال التالية :
- اذا ارتكبت في وقت واحد من طرف عدة أشخاص مجتمعين،
-إذا ارتكبت من طرف أشخاص مختلفين و لو في أوقات متباينة وفي أماكن مختلفة على اثر اتفاق تم بينهم من قبل،
- اذا ارتكب الجناة جرائم للحصول على وسائل تمكنهم من ارتكاب جرائم أخرى،أو تساعدهم على اتمام تنفيذها،أو تمكنهم من الإفلات من العقوبة
يعتبر إخفاء الأشياء مرتبطا بالجريمة التي مكنت من الحصول على الأشياء المخفاة،أو من انتزعها أو اختلاسها كلا أو بعضا.
- تنص المادة 56 من ق م ج على ما يلي:"تتحقق حالة التلبس بجناية أو بجنحة:
~ أولا: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها.
~ثانيا: إذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها.
~ ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل، حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي أو وجد عليه آثار أو علامات تثبت هذه المشاركة.
ويعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة، ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة، إذا التمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية معاينتها".
المطلب الثاني : الأشخاص و الجهات الممارسين للدعوى العمومية استثناءا
●أولا : إدارة الجمارك : فيحق لهذه الإدارة تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للمخالفات و الجنح المنصوص عليها في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.●ثانيا : إدارة المياه و الغابات : يمكن لأعوان هذه الإدرة استنادا الى ظهير حفظ الغابات المؤرخ في 10/10/1917 ممارسة الدعوى العمومية وطرق الطعن فيها في حق مرتكبي المخالفات الغابوية.
●ثالثا : قضايا الصيد البحري : اذ تباشر الدعاوى و المتابعات من طرف مهندسي ادارة المياه والغابات بالنيابة عن الادارة سواء لفائدة الدولة او لمكتري حق الصيد (ظهير 21/07/1923)
●رابعا :هيئة الحكم : بالنسبة للجرائم المرتكبة أثناء الجلسات.
●خامسا : الغرفة الجنائية بمحكمة النقض و الرؤساء الأولون لمحاكم الإستئناف : و ذلك بالنسبة للجرائم المنسوبة لصنف من القضاة و كبار الموظفين(كمستشاري الملك،واعضاء الحكومة،و كتاب الدولة،وقضاة محكمة النقض،...)
●سادسا : الطرف المتضرر : يحق للشخص المتضرر من تحريك الدعوى العمومية متى لحقه ضرر مادي أو معنوي مباشر من الجريمة،من خلال تقديم شكايته التي يجب تعزيزها بالادلة الكافية،و عرضا لوقائع الحادثة،و مبلغ التعويض المطلوب ،و تنصيب نفسه طرفا مدنيا في الدعوى، مع ايداعه بكتابة الضبط القسط الجزافي المحدد.
المبحث الثاني : الطرف المدعى عليه في الخصومة الجنائية
•♧ مرتكب الجريمة بنفسه ( الفاعل الأصلي ) أو بواسطة غيره ( كعديم المسؤولية،أو حيوان و الذي يصطلح عليه ب( الفاعل المعنوي) .•♧ المساهم : و هو من ارتكب شخصيا عملا من اعمال تنفيذ الجريمة.
•♧ المشارك: وهو من لم يشارك في تنفيذ الجريمة لكنه اتي احد الافعال المنصوص عليها في المادة 129 من القانون الجنائي كالتحريض،أو الامر،أو تقديم أسلحة....
تحريك الدعوى العمومية يكون ضد شخص معروف، ويجوز تحريك تحقيق إعدادي ضد مجهول قصد التعرف على هويته.
تحريك الدعوى العمومية ضد شخص معين يقتضي استبعاد المسؤولين عن الحقوق مدنيا ( الأوصياء أو القيمين على صغير أو مجنون... )، وللنيابة العامة أن تطلب إدخالهم في الدعوى للحكم عليهم بأداء غرامة.
المبحث الثالث : قيود الدعوى العمومية و سقوطها
هناك أسباب قد تمنع ممارسة الدعوى العمومية منذ البداية و هي التي تسمى ب" قيود الدعوى العمومية" (المطلب الأول)،و هناك أسباب تطرأ بعد ارتكاب الجريمة قبل اقامة الدعوى أو بعدها و تؤدي الى سقوطها و تعذر مواصلتها (المطلب الثاني)المطلب الأول : قيود الدعوى العمومية
أولا: الملك
ينص الفصل 46 من الستور المغربي على أن " شخص الملك لا تنتهك حرمته،و للملك واجب التوقير و الإحترام"ثانيا: الأعضاء الديبلوماسيين
فالدولة المغربية قد صادقت على اتفاقيات دولية متعلقة بحصانة الديبلوماسيين و موظفي بعض الهيئات الدولية (كاتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية المؤرخة في 18/04/1961)ثالثا:أعضاء البرلمان
ينص الفصل 64 من الدستور المغربي على أنه << لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان و لا البحث عنه و لا القاء القبض عليه،ولا اعتقاله و لا محاكمته بمناسبة ابدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه،ما عدا اذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالإحترام الواجب للملك >>رابعا: توقف المتابعة على تقديم شكاية
يشترط القانون في حالات معينة تقديم الشكاية من الجهة المتضررة قبل ان يتاح للنيابة العامة ممارسة الدعوى العمومية كجريمة الخيانة الزوجية،و اهمال الأسرة،و سرقة الأصول...
المطلب الثاني : سقوط الدعوى العمومية
حسب المادة 4 من ق.م.ج فأسباب سقط الدعوى العمومية تتمثل في الآتي:■》 موت المتهم
فالدعوى العمومية لن تكون لها أي فائدة في الردع و الزجر في هذه الحالة،إذ لا يمكن تصور تطبيق العقوبات على الأموات،غير أنه إذا كان هناك متضرر قد رفع مطالبه فالدعوى المدنية
تبقى قائمة أمام المحكمة الزجرية حسب منطوق المادة 12 من ق.م.ج .
■》 التقادم
تنص المادة 5 من ذات القانون على ان العقوبة تتقادم :
□ بمرور 15 سنة بالنسبة للجنايات
□ بمرور 4 سنوات بالنسبة للجنح
□ بمرور سنة واحدة بالنسبة للمخالفات
غير أنه اذا كان الضحية قاصرا و تعرض لإرتكاب فعل جرمي من طرف أحد أصوله أومن له الوصاية عليه،فإن امد التقادم يبتدأ في السريان من جديد و لنفس المدة متى بلغ الضحية سن الرشد القانوني.
أما في باقي الحالات فالتقادم يبتدا من يوم اقتراف الجريمة
ينقطع التقادم بكل إجراء من اجراءات التحقيق أو المتابعة تقوم به أو تأمر به السلطة القضائية (م 6 ق.م.ج)
■》العفو
و نميز بين نوعين من العفو:
ـ◇ العفو الشامل: و الذي يتم بنص صريح،و من آثاره غل يد النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية أو سقوطها إذا ما حركت،أو سقوط العقوبة بعد صدورها،لكنه لا يشمل تعويضات الغير.
ــ◇ العفو الخاص: و هو من حقوق الملك حسب الفصل 58 من الدستور الجديد،و لا يمكن طلبه إلا إذا كان الحكم نهائيا و قابلا للتنفيذ، لكنه بدور لا يشمل حقوق الغير.
■》نسخ النص الجنائي المجرم للفعل
فإذا ارتكب الشخص فعلا يجرمه القانون الجنائي،لكن صدر نص جديد نسخ النص القديم ارتفعت صفة التجريم عن الفعل سواء قبل المتابعة أو أثناء سريانها،فإن الدعوى العمومية تسقط،انسجاما مع مقتضيات الفصل 5 من القانون الجنائي القاضي بعدم امكانية مؤاخذة أحد عن فعل لم يعد يعتبر جريمة بنص القانون.
■》 صدور مقرر أو حكم حائز لقوة الشيء المقضي به
فلا يمكن محاكمة الشخص مرتين من أجل نفس الفعل حتى و لو إتصف هذا الفعل بأوصاف أخرى.
■》 الصـلح
إذا تم الصلح في بعض الجرائم التي يسمح القانون به فيها،فالدعوى العمومية تسقط،كالصلح المنصوص عليه في ظهير المحافظة على الغابات و الصيد البحري.
■》 التنازل عن الشكاية
و ذلك في المتابعات التي تقف على تقديم الشكاية من طرف المتضرر، فتنازل المتضرر من الخيانة الزوجية مثلا يؤدي الى سقوط الدعوى العمومية.