أصبحت الأخلاق و الأخلاقيات في مجال المهن
والأعمال في الآونة الأخيرة ، من المواضيع التي تزايد التساؤل بشأنها و الطلب على
البحث فيها، ليس فقط على مستوى العلوم المختصة بها والتي هي العلوم السلوكية ، بل على
مستوى كل المجالات و العلوم الإنسانية الأخرى ، وبالنسبة لكل الأعمال التي يتخذها
الإنسان نشاطاً خـاصا به ، أو نشاطا يجمعه مع غيره من المحيطين به
ويأتي ذلك كرد فعل طبيعي على ما تعود عليه
الرأي العام من الإطـلاع و الوقوف على ممارسات غيرأخلاقية، وعلى الكثير من التعقيدات و الصعوبات الإدارية التي تواجه
المواطن ، من رفض غير مبرر أو تماطل ملحوظ في الحصول على الخدمات المشروعـة وقد ساهم كل ذلك ، في الدعوة إلى تخليق مختلف القطاعات و المهن والأعمال من كل
ممارسة مشينة أو فساد من شأنه أن يحيد بالقطاع عن الغرض الذي ثم إحداثه من أجله .
والمهنيون من أفراد المجتمع لا يخرجون عن
دائرة المخاطبين بأحكام القواعد القانونية الأخلاقية، فأصحاب المهن،
شأنهم شأن غيرهم من الناس، معنيون
بخطاب التخليق ، سواء في إطار علاقتهم المهنية أو لدى
قيامهم بأنشطتهم الاجتماعية الأخرى.
وإذا
كانت أغلب الأسئلة المتعلقة بالأخلاق والأخلاقيات قد تناولتها الفلسفة، وناقشها
الفلاسفة و المفكرون عبر العصور ، وتصدت لها الديانات ، فإن العصر الحديث اثبت
بالملموس وجود تعارض متزايد مع النموذج الأخلاقي كما هو محدد في التصور الديني
وفي هذا السياق أصبح التنظيم الذي تقوم عليه المهن في عصرنا الحالي، يتأسس على
إصدار المؤسسات المهنية، بعض القواعد الأخلاقية ( règles directives) التي تحكم
سلوك المهنيين في أدائهم لعملهم ويطلق على هذه القواعد اسم أخلاقيات المهنة ( la
déontologie professionnelle) أو قواعد شرف المهنة ( La moral
professionnel) أو آداب المهنة (la règle
de bonne conduite professionnelle).
والواقع أن أخلاقيات المهن وآدابها لا تصدر في شكل واحد فهي تصدر أحيانا في
صورة نصوص تنظيمية،.كما تصدر أحيانا أخرى في شكل توصية أو ميثاق قيم وسلوك لا تتبع
في إعداده أو في إصداره إجراءات وشكليات إعداد القوانين التنظيمية .
وفي أحيان أخرى فإن بعض قواعد وأخلاقيات
المهنة ترد في صلب القانون المنظم للمهنة.
وتبقى الإشكالية المطروحة في ضل ما تعود
عليه الرأي العام من ممارسات غير أخلاقية والتي تعرفها معظم القطاعات و المهن والأعمال ، هي :
ما مدى إمكانية القول بوجود تأصيل قانوني للأخلاقيات
المهن والأعمـــــــــال ؟
إشكالية سنحاول الإجابة عليها من خلال التصميم
التالــــــي :
التصميم المعتمــــــــــــد
المبحث الأول: المرجعية التشريعية لأخلاقيات المهن والأعمال
المطلب الأول : أخلاقيات المهن و الأعمال
في بعض الاتفاقيات الدولية
الفقرة الأولى:الاتفاقيات الخاصة ببعض
المهن القضائية
الفقرة الثانية: الاتفاقيات الخاصة
ببعض المهن غير قضائية
المطلب الثاني: المرجعية الدستورية
لأخلاقيات المهن و الاعمال
الفقرة الأولى:أخلاقيات السلطة
القضائية في الدستور المغربي
الفقرة الثانية: أخلاقيات الإدارة
العمومية في الدستور
المبحث الثاني :الإطار التشريعي
لأخلاقيات المهن والأعمال
المطلب الأول :الإطار التشريعي
لأخلاقيات بعض المهــن القضائية .
الفقرة الأولى : أخلاقيات مهنة القضاء
و المحامــــــاة
الفقرة الثانية : أخلاقيات المهن
المساعدة للقضاء
المطلب الثاني:الإطار التشريعي
لأخلاقيات بعض المهن غير القضائية
الفقرة الأولى :أخلاقيات مهنة الطب
والصيدلة
الفقرة الثانية: أخلاقيات مهنة الصحافة والتعليم
المبحث الأول: المرجعية التشريعية لأخلاقيات المهن والأعمال
بدأت بوادر الدعوة لتخليق الحياة العامة منذ تربع الملك محمد السادس على
العرش، و ظهر هذا جليا من خلال خطابه في أكتوبر سنة 1999 بان "الأخلاق هي
أساس من أسس الدولة، تقوم بقيامها،وتنهار بانهيارها. فان أول واجبات المرفق العام
أن يلتزم بالأخلاق الحميدة و أن يخدم المواطنين بالإخلاص الجدير بالشأن العام و
المصلحة العليا، على النحو الذي يقتضيه الاختيار الديمقراطي في دولة الحق و
القانون"
إذا فهي كانت دعوة صريحة فرضتها الضرورة من اجل مواكبة الإصلاح و كذا
الاستجابة للالتزامات الدولية ذات الصلة ، وما يؤكد ذلك تبني الدستور الجديد
لمجموعة من المبادئ التي ترمي تخليق الحياة العامة . بحيث سنتطرق لبعض الاتفاقيات
الدولية ذات الصلة وأيضا بعض المقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد .
المطلب الأول: أخلاقيات المهن و الأعمال في بعض
الاتفاقيات الدولية
دعت مجموعة من الاتفاقيات و الإعلانات الدولية لتخليق مجموعة من المهن و الأعمال
ومنها القضائية و غير القضائية.
و هو ما سنحاول التطرق له بشيء من التفصيل.
الفقرة الأولى:الاتفاقيات الخاصة ببعض المهن
القضائية
نصت مجموعة من الاتفاقيات الدولية لمبادئ و أخلاقيات المهن و الأعمال، ومن
بين هذه المهن و أهمها :المهن القضائية و كذا الفاعلين في هذا المجال.
و في هذا الصدد
نجد الإعلان الختامي للمؤتمر الدولي الثامن ضد الفساد، المنعقد في ليما عام1997
(إعلان ليما) الذي ينص على ما يلي:
"ينبغي على
الجمعية الدولية لأعضاء النيابة العامة و الجمعية الدولية لرجال القانون تطوير
القوانين النموذجية التي يمكنها ملاحقة المتورطين في قضايا الفساد في جميع الأنظمة
بوضع قواعد اقل تعقيد و أكثر سرعة".
كما شكل الفساد
احد المواضيع الرئيسية لمؤتمرها السنوي الرابع الذي عقد في بكين خلال الفترة من 5
إلى 10 ديسمبر 1999. بحيث خرج المؤتمرون بفكرة مفادها أن الرشوة جريمة مخيفة و
الضحية الصامتة هي العدالة و سيادة القانون
كما نصت المبادئ الدولية
المتعلقة باستقلال و مسؤولية القضاة، و المحامين و ممثلي النيابة العامة ، على
مجموعة من المبادئ أهمها:
أن لأعضاء النيابة
العامة الحق في حرية التعبير و العقيدة..... دون أن يتأثر مسارهم المهني بشكل سلبي
نتيجة عملهم المشروع. و على ممثلي النيابة العامة أن يتصرفوا دائما في ممارسة هذه
الحقوق طبقا للقانون و للمعايير الأخلاقية المتعارف عليها.
أما بالنسبة للمحامين فقد نصت على انه " يضع العاملون في المهن
القانونية. من خلال أجهزتهم الملائمة أو بواسطة التشريعات، مدونات للسلوك المهني
للمحامين توافق القانون و العرف الوطنيين و المعايير و القواعد الدولية المعترف
بها
الفقرة الثانية: الاتفاقيات الخاصة ببعض المهن
غير قضائية
أما فيما يتعلق
بالمهن غير القضائية سنقتصر على جهاز مفتشية الشغل، بحيث انعقد مؤتمر العمل الدولي
في دورته 86 بجنيف بتاريخ 18 يونيو 1998 و المتجلية في إقامة سلام عالمي و دائم
مبني على أساس من العدالة الاجتماعية و
إحكام المبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية للعمل و التي نص عليها إعلان منظمة العمل
الدولية حيث حضي تفتيش الشغل باهتمام خاص
من طرف منظمة العمل الدولية تمثل ذلك في النص الذي ورد في المادة 427 من ميثاق
فرساي في الباب الثالث عشر. حيث قضت الفقرة التاسعة من هذه المادة بان على كل دولة
توجد نظاما للتفتيش، تشترك فيه النساء لضمان تنفيذ القوانين و اللوائح الخاصة
بحماية العمال.
ونصت أيضا على
أخلاقيات جهاز تفتيش الشغل التي تقرها منظمة العمل الدولية من خلال الاتفاقية رقم
81 بشان تفتيش العمل في الصناعة و التجارة والتي تعتبر الإطار المرجعي الدولي
المنظم لمهنة تفتيش الشغل حيث تنص المادة 3 من الاتفاقية على ضرورة تحلي مفتشي
الشغل بالحياد في علاقاتهم بأصحاب العمل و بالعمال، و تناولت المادة 6 من
الاتفاقية مبدأ الاستقلالية بنصها على تكوين هيئة تفتيش الشغل من موظفين عموميين ،
وتأتي المادة 15 لتقف عند مجموعة من المبادئ و أخلاقيات مفتشي الشغل خصوصا النزاهة
، و نصت المادة 16 من الاتفاقية على معيار
المعرفة و الكفاءة و الدقة التي يتطلبها ضمان تطبيق الأحكام القانونية أو التوصية
باتخاذها
المطلب الثاني: المرجعية الدستورية لأخلاقيات
المهن و الاعمال
تطرق الدستور الجديد لمجموعة من المبادئ التي تصب في تخليق الحياة العامة في مجموعة من المجالات التي
سنتطرق لها ضمن هذا المطلب:
الفقرة الأولى:أخلاقيات السلطة القضائية في
الدستور المغربي
قبل دستور 2011عانت منظومة العدالة بكل مكوناتها من نقص في الشفافية و ضعف
في آليات المراقبة و المساءلة ، و تراجع في أخلاقيات الممارسة المهنية و أعرافها،
الأمر الذي يفسح المجال لممارسات منحرفة يساهم بعض المواطنين في شيوعها مما يؤثر
على دور القضاء في تخليق الحيات العامة
لعل هذا الواقع لمنظومة العدالة كان وراء تخصيص الدستور الجديد حيز مهم من
الاهتمام بالسلطة القضائية، و بالخصوص على مستوى تخليقها. بحيث نص في فصوله على
العديد من المقتضيات التي تصب في تخليق القضاء و تحصينه من السلوكيات المشينة به
بحيث نص الفصل 109 ( ... يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال و التجرد خطأ
مهنيا جسيما بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة ...) و أيضا نص الفصل 111
( للقضاة الحق في حرية التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ و الأخلاقيات القضائية
...).
وأيضا قبل دستور 2011 لا يمكن إنكار البوادر السابقة من اجل تخليق السلطة
القضائية و كذا الفاعلين فيها، بحيث أصدرت الودادية الحسنية للقضاة سنة 2009
"مدونة القيم القضائية" تتضمن مجموعة من القيم و التقاليد و الأعراف
التي تحكم سلوك القاضي و طمأنينة و نزاهته...
ومن جهتها أصدرت ودادية موظفي العدل سنة 2010 ميثاق قيم و سلوك كتابة الضبط
ليكون بمثابة مرجع أخلاقي و دليل قيمي يرشد كتابة الضبط في حياتهم المهنية.
الفقرة الثانية: أخلاقيات الإدارة العمومية في
الدستور
النظام الإداري بدوره لا يقل أهمية عن القضاء من حيث تأثيره على المناخ
الاستثماري بل قد يفوقه أهمية في بعض الحالات ،فخلال حركته ورواجه يدخل رأس المال
في علاقات إدارية و تنظيمية مع العديد من الأطراف و الهيئات و المنظمات
لذلك حضيت الإدارة باهتمام الدستور الجديد بحيث خصص لها الباب الثاني عشر
المعنون بمبادئ الحكامة الجيدة بحيث نص الفصل 154 منه (...تخضع المرافق العمومية
لمعايير الجودة و الشفافية و المحاسبة و المسؤولية، و تخضع في تسييرها للمبادئ و
القيم الديمقراطية التي اقرها الدستور.
كما نص الفصل 155 على انه يمارس أعوان المرافق العمومية وظائفهم وفقا
لمبادئ احترام القانون و الحياد و الشفافية و النزاهة و المصلحة العامة.
كما يحدد ميثاق للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة و
تعد مؤسسة الوسيط أهم مظاهر تخليق الإدارة العمومية بحيث أناط الدستور بها
مهمة الإسهام في ترسيخ سيادة القانون و
إشاعة مبادئ العدل و الإنصاف، وقيم التخليق و الشفافية في تدبير الإدارات العمومية ،ومن جهتها وضعت مدونة لسلوك العاملين بها ، ومن بين ما ورد فيها التزامهم بالتحلي
بالاستقلالية و النزاهة ، والتجرد و الحياد، الوقار ...،
الا انه يبقى أهم مظهر لتخليق الإدارة العمومية و هي الهيأة الوطنية للنزاهة و
الوقاية من الرشوة و محاربتها، بحيث أنيط بها الإشراف على تتبع و ضمان تنفيذ
سياسات محاربة الفساد، وكذا تخليق الحياة العامة ، و ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة ،
و ثقافة المرفق العام و قيم المواطنة
المبحث الثاني :الإطار
التشريعي لأخلاقيات المهن والأعمال
إن البحث عن وجود إطار قانوني ينظم أخلاقيات المهن والأعمال ، يستدعى الوقوف
على القوانين المنظمة لهذه المهن أولا، وما يمكن أن تتضمنه من قيم وسلوكيات
أخلاقية ، ثم محاولة الوقوف على بعض القوانين الداخلية التي تأتي لتكمل القانون
المنظم للمهنة وضع ضوابط وقيم أخلاقية خاصة في الممتهن لمهنة ما .
وسنحاول بادئ ذي بدئ الوقوف على بعض القوانين المنظمة لبعض المهن القانونية
والقضائية ( المطلب الأول )، ثم بعض المهــــن غير القضائيــــة ( المطلب الثاني)
.
المطلب الأول :الإطار التشريعي لأخلاقيات بعض
المهــن القضائية .
وبما أن المهن القضائية، تعتبر من المهن التي تقتضي مزاولتها وفقا لقواعد
أخلاقية تحكم كل واحدة منها فإننا في هذا المطلب سنحاول البحث في الأخلاقيات التي
تتطلبها هذه المهن حسب القوانين والأنظمة الداخلية المنظمة في حالة وجودهـا.
الفقرة الأولى: أخلاقيات مهنة القضاء و المحاماة
الفقرة الثانية: أخلاقيات المهن المساعدة للقضاء
الفقرة الأولى : أخلاقيات مهنة القضاء و
المحاماة
تعتبر مهنتي القضاء و المحــاماة من بين أهم
المهن وأشرفهـا ، والتي تتطلب في من يمارسهــا التحلي بمجموعة من القيم الأخــلاق ،
وسنحاول من خلال هذه الفقرة أن نرصد هذه الأخلاقيات من خلال بعض القوانين والأنظمة
الداخلية المنظمة لبعض المهن .
أولا : أخلاقيات مهنة القضـــاء
تعد مهنة القضاء
من أشرف المهن و أقدسها ، فالقاضي مؤتمن على حقوق البشر وهي من أتمن ما لدى
الإنسـان ، إذا يجب أن تتوفر في القاضي سواء أكان قاضي الحكم أو قاضي النيابة
العامة مجموعة من القيم و الأخلاقيات ، وتبقى الأخلاقيات القضائية، على الخصوص، غاية
حد ذاتها
وكما سبقت الإشارة
فقد نص الدستور المغربي سنة 2011 للأول مرة على كون السلطة القضائية مستقلة على
السلطة التشريعية و التنفيذية ، ونص على مجموعة من القيم و الضوابط الأخلاقية التي
ينبغي أن يتصف بها القاضي .
وبالرجوع إلى
القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ، نجد بين مواده
مجموعة من المقتضيات ذات طابع أخلاقي التي ينبغي أن تحكم السلك القضائي ، ،حيث
اشترطت (المادة السابعة) منه ،في المترشح لولوج السلك القضائي ، أن
يكون ذا مروءة وسلوك حسن ، وألا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا
منافية للشرف و المروءة أو حسن السلوك ولو رُد اعتباره .
كما نصت المادة 37 على حرية القاضي في التعبير ، بما
يتلاءم وواجب التحفظ و الأخلاقيات القضائية ، والحفاظ على سمعة القضاء وهيبته
واستقلاله .
وإلى جانب ذلك ،
ألزمت المادة 38 بمراعاة واجب التحفظ
والأخلاقيات القضائية ، واحترام واجب التجرد و استقلال القضاء ، والحفاظ على صفات الوقار
صونا لحرمة القضاء وأعرافه .
كما نصت أيضا
المادة 40 على تأدية بان يمارس مهامه بحياد وتجرد وإخلاص و تفان ، وان يحافظ على صفات
الوقار والكرامة ، وعلى سر المداولات ، والالتزام بالتطبيق العادل للقانون ،
والنزاهة في أحكامه . ومن جانبها منعت المادة 47 القاضي من ممارسة أي نشاط مهني
خارج مهامه، ولو بصفة عرضية ، مع مراعاة بعض الاستثناءات .
وقد أوضح القانون
106.13 في المادة 97 منه ، على أنه يعد من
بين الأخطاء الجسمية التي يتعين معها توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه .
- إخلاله بواجب الاستقلال
و التجرد و النزاهة والاستقامة.
- الخرق الخطير
لقاعدة مسطرية تشكل ضمانة أساسية لحقوق وحريات الأطراف.
- خرق وإفشاء السر
المهني ....
و تجدر أن المشرع ألزم المجلس الأعلى لسلطة
القضائية بوضع مدونة لسلوك القضائي ،
وقد ثم عقد بشأنها مجموعة من اللقاءات و الندوات ، كان آخرها التي عقدت
بتاريخ 17/12/2016 بفندق المعمورة بالقنيطرة تحت عنوان " حوكمة عمل المجلس الأعلى
للسلطة القضائية: رؤية استشرافية في ضوء مدونة السلوك القضائي والنظام الداخلي
للمجلس" المنظمة من طرف المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب
بالقنيطرة بتعاون مع وزارة العدل والحريات .
ثانيا: أخلاقيـــات مهنة المـــحامـاة
إن مكارم الأخلاق
و النزاهة و الاستقلال و اللباقة و الشرف وروح الزمالة ، كلها عناصر أساسية لا غنى
للمحامي عن الابتعاد عنها ، بل بد من التشبث بها بأقوى النواجد
وينظم مهنة
المحاماة القانون 28.08 الذي أكد في مادته الأولى على أن المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في
تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء .
ومن جملة ما جاء به هذا
القانون بخصوص القيم والأخلاقيات التي ينبغي أن تحكم سلوك المحامي في عمله، نجد:
تقييد المحامي في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة
والكرامة والشرف، وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة، كما يشترط المترشح لهذه المهنة
أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه لجناية.
كما يمنع على المحامي أن يفشي أي شيء يمس
بالسر المهني في أي قضية ولا يجوز للمحامي المعين أن يمتنع عن تقديم مساعدته لمن
يتمتع بالمساعدة القضائية ما لم يتم قبول
الأعذار أو الموانع التي تحول بينه وبين ذلك
و من أهم الواجبات الملقاة على عاتق المحامي الامتناع عن الاتصال
بالطرف الخصم أو إجراء أي صلح معه، وإذا كان لهذا الخصم محامي فلا يمكن أن يتم
الصلح دون موافقة هذا الأخير، وهذا ما تنص عليه كل الأنظمة الداخلية لنقابات
المحامين ، كالمادة الثامنة عشرة من النظام الداخلي لهيئة المحامين بالدار
البيضاء ، حيث نص هذا النظام على مجموعة من الأخلاقيات التي تحكم العلاقة بين
الزملاء ، وكذلك
مع الموكلين و
المحاكم .
مما تقدم يتضح بجلاء دور هذه القواعد الأخلاقية في تصويب
الاعوجاج الذي قد يطال الممارسات المهنية وبالتالي ترتيب نوع من المسؤولية في
حالة مخالفتها حتى وإن كانت من درجة
المسؤولية التأديبية خدمة للمهنة وتقاليدها، كما أن الأنظمة الداخلية لهيئات المحامين ، والتي ثم وضعها من لدن مجالسها ، تتضمن
الأحكام التفصيلية و التكميلية للقواعد القانونية ، إضافة إلى العديد من الأعراف و
التقاليد المهنية ، والتي تجسد أخلاقيات المحامين، بما فيها سلوكياتهم في مختلف
جوانب حياتهم الشخصية وعلاقاتهم الإجتماعية .
الفقرة الثانية : أخلاقيات المهن المساعدة للقضاء
إن مما لا يمكن الاختلاف حوله ، هو أن مهام
القضاء لا يمكن إنجازها بكيفية كاملة ومرضية إلا بمساعدة فاعلين آخرين ، ولعل من
أهمهم المفوضين والخبراء القضائين
أولا : المفوضين القضائيين
إن من بين ما يشترطه القانون 81.03 في المرشح لمزاولة مهنة مفوض قضائي
،أن لا يكون محكوما عليه من أجل جناية، أو جنحة بعقوبة حبس نافذ أو موقوف التنفيذ
باستثناء الجرائم غير العمدية، وأن لا يكون محكوما عليه بجريمة من جرائم الأموال
ولو بمجرد غرامة ،
و ألا يكون قد تعرض لأي عقوبة تأديبية، أو صدر في حقه حكم نهائي بعدم الأهلية
لمزاولة مهنة بسبب اقترافه لفعل مخل بالشرف أو الأمانة .
كما يؤدي المفوض القضائي أمام المحكمة الابتدائية التي يقع مكتبه بدائرة
نفوذها وقبل مزاولة مهنته، اليمين بقوله"أقسم بالله العظيم أن أقوم بمهامي
بإخلاص وأن أنجزها بدقة وأمانة وأن أراعي في كل الأحوال الواجبات التي تفرضها علي،
مع الالتزام بالسر المهني".
ويمنع عليه حسب المادة 32 تحت طائلة المتابعة أن يباشر أي إجراء لنفسه ، أو
لحساب زوجه ، أو أصوله أو فروعه ، أو أقاربه .
يحرك وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المختصة حسب المادة 36 المتابعة
التأديبية ضد المفوض القضائي بناء على تقرير من رئيس المحكمة أو على إثر تحرياته
التي يقوم بها مباشرة أو بناء على شكاية أو بناء على تقرير من الهيئة الوطنية
للمفوضين القضائيين.
ثانيا : الخبراء القضائيــــــــــــين
ينظم مهنة الخبراء القضائيين القانون رقم 45.00 ، والتي ينص بدوره على
مجموعة من القيم والسلوكيات و الواجبات التي تحكم الخبير القضائي ، ومن جملة ما
جاء به هذا القانون ، انه يشترط في كل مترشح للتسجيل في جداول الخبراء ، أن يكون
متمتعا بحقوقه الوطنية وذا مروءة وسلوك حسن، ألا يكون قد حكم عليه من أجل جناية أو جنحة باستثناء
الجرائم غير العمدية.
ويتعهد الخبير بأداء مهام الخبرة المعهود بها إليه بأمانة وإخلاص ونزاهـة،
وإبداء رأيه بكل تجرد و استقلال مع المحافظة على السر المهني.
وإذا ما تبين للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف و للوكيل العام للملك لديها أن
هناك قرائن ضد خبير تتعلق بإخلالات مهنية ، فإن لكل منهما حسب الأحوال أن يأمر بالاستماع
إليه في محضر يوجه إلى وزير العدل الذي يحيله على اللجنة المحدثة بالوزارة ، والتي
يحق لها إجراء المتابعات و اتخاذ العقوبات
التأديبية ضد كل خبير ارتكب مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية المتعلقة
بالخبير، أو اخل بواجباته المهنية أو بخصال المروءة و الشرف و النزاهة
ثالثا : التراجمة المقبولين لدى المحاكم
إن من الأخلاقيات
التي يجب أن تطبع المترجم المحلف القبول لدى المحاكم، حسب القانون 50.00 ،
أن يكون المترشح لهذه المهنة ذا مروءة وسلوك حسن ، وأن يكون غير محكوم عليه من أجل
جناية أو جنحة باستثناء الجنح غير العمدية ، إلا إذا رد إليه اعتباره وألا تكون قد
صدرت في حقه عقوبة تأديبية عن تصرفات مخلة بالشرف أو النزاهة أو الأخلاق ( المادة
3) .
كما تستلزم أن
يقوم بالترجمة بأمانة ووفاء للأقوال التي ينطق بها أو يتبادلها الأشخاص ، وكذا
للوثائق التي يعهد له بها ، وأن يحافظ على السر المهني ( المادة 24) ، وكذا على
الوثائق و المستندات المسلمة إليه قصد ترجمتها ،مع إبرام عقدة تأمين في الموضوع (
المادتين 32 و 33 )
وكل عمل يستهدف جلب الزبناء ، سواء بمقابل أو
بدونه ،يشكل إخلالا مهنيا خطيرا يعرض الترجمان إلى العقوبة التأديبية ( المادة 34
) .
وبصرف النظر عن
المتابعات الزجرية ، تخول للجنة المحدثة بوزارة العدل مهمة القيام بالمتابعات
وإصدار العقوبات الـتأديبية بالنسبة لمخالفة أحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية
المتعلقة المهنة و بالنسبة للإخلال بالواجبات المهنية ، أو للارتكاب افعال منافية
للشرف أو النزاهة أو الأخلاق ، ولو كان ذلك خارج نطاق المهنة
المطلب الثاني:الإطار التشريعي لأخلاقيات بعض
المهن غير القضائية
إن تخليق الحياة المهنية في المجتمع أصبح ضرورة ملحة لتثبيت دعائم دولة
القانون ولبناء مجتمع سليم ،بل إن تخليق الحياة المهنية سيؤدي بلا شك بالأشخاص إلى
أن يكونوا على جانب كبير من الإنسانية والحس الروحي وحفظ الروابط بين أفراد
المجتمع وفئاته والإحساس بالمواطنة .
ومنه سنحاول من
خلال هذا المطلب رصد تجليات أخلاقيات المهن والإعمال في بعض القوانين المنظمة
للمهن غير القضائية ،حيث سنقتصر على مهنة الطب والصيدلة في( الفقرة الأولى) ،وكذلك
مهنتي التعليم والصحافة (الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى :أخلاقيات مهنة الطب والصيدلة
تعتبر مهنة الطب والصيدلة من المهن التي يتطلب مزاولتها الاتصاف بالحذر
والوقار والاحترام والكرامة نظرا لارتباطها بحياة الناس .فما هي الأخلاقيات التي
ينبغي آن يتصف بها الطبيب والصيدلي في ممارستهم لمهنتهم ؟
أولا:أخلاقيات مهنة الطب
تعتبر مهنة الطب من المهن النبيلة التي ينبغي ممارستها بناءا على قيم دينية
وفلسفي وأخلاقية نظرا لاتصالها بحياة الناس، لدى فأن مزاولتها تتطلب الاتصاف
بمجموعة من الأخلاقيات والمبادئ.
فقد نظم المشرع المغربي في القانون رقم131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب،
أخلاقيات مهنة الطب،حيث أشار في المادة 77 من الجزء الفرعي الثاني المتعلق باللجنة
الطبية للمؤسسة و لجنة الأخلاقيات على أنه "يجب على المدير الطبي أن يحدث
لجنة للمساعدة على اتخاذ القرار الطبي تسمى "لجنة الأخلاقيات" يكون
الغرض منها تبادل الآراء قصد اتخاذ موقف موحد في شأن أي مسألة ذات طابع
أخلاقي تثار في إطار عرض العلاجات
والخدمات السريرية والسهر على احترام قواعد أخلاقيات المهنة."
وتضيف المادة 78 من نفس القانون
على أنه "يجب على الأطباء المزاولين
إخبار المدير الطبي بكل أجراء في التشخيص أو في العلاج أو في تنظيمه قد يشكل مساس
بالأخلاقيات .
يعرض المدير الطبي هذا الإجراء على لجنة الأخلاقيات ويبعث بتقرير في شأنه
إلى المجلس الجهوي للهيئة المعنية ".
ثانيا :أخلاقيات مهنة الصيدلة
يعتبر الصيدلي فاعلا في الصحة العمومية ،فدوره في توفير الدواء للمواطنين
والصهر على تربيته الصحية والوقائية تجعله في مرتبة تفرض عليه النأي عن كل الشبهات
واجتناب أي نشاط أو عمل يمكن أن يسيء إلى سمعته المهنية وشرفها ولو خارج إطار
المزاولة، وهو ما أشار إليه الفصل الأول من قانون أخلاقيات المهنية انه " على الصيدلي
أن يتجنب كل عمل أو مظهر من شانه أن يهين المهنة ولو خارج مزاولتها."
كما ينص الفصل الثاني على انه "يتعين على الصيدلاني أن لا يمارس مع
مهنة الصيدلة نشاطا يتنافى والكرامة المهنية " .
كما نجد، تجليات أخلاقيات مهنة الصيدلة في القانون رقم 04.17 بمثابة مدونة
الأدوية والصيدلة ، حيث جاء في الباب التالي قواعد مزاولة المهنة الفرع الأول : قواعد مشتركة ،المادة 103 على انه "يجب على الصيدلي
كيفما كانت مهمته و تخصصه وضمن حدود معارفه أن يقوم بإسعاف مريض في حالة خطر وشيك
إذا تعذر تقديم العلاجات الطبية له.
ومن جانبها تنص المادة 104 على انه "يلزم جميع الصيادلة بكتمان السر
المهني ألا في حالة الاستثناء المنصوص عليها قانونا "،وهو نفس المقتضى الذي
نص عليه الفصل السابع من قانون أخلاقيات المهنة لسنة 1963
وجاء في المادة 105أنه يجب ألا
يبرم الصيادلة بآي حال من الأحوال اتفاقية ترمي إلى التخلي ولو جزئيا عن استقلالهم
المهني في مزاولة مهامهم .
لا يكون أي تصرف
أو عقد أو اتفاقية صحيحا ألا بعد التأشير عليه مسبقا من لدن رئيس المجلس الوطني
لهيئة الصيادلة التي يتأكد من مطابقة بنوده لأحكام هذا القانون ومدونة الآداب
المهنية للصيادلة ".
وتضيف المادة106 "تتنافى مزاولة مهنة صيدلي مع مهنة الطب ورجاجة
الأسنان و البيطرة والقابلة أو أي مهنة حرة اهرى ولو في حالة التوفر على مؤهلات أو
شهادات تخول الحق في مزاولتها ".
من خلال ما سبق يظهر انه من أخلاقيات
الصيدلي أن يتجنب كل الأساليب أللأخلاقية المتعلقة بمزاولة مهنة الصيدلة وللمنافسة
غير المشروعة وان يتجنب كل تلويح يخل بشرف المهنة وسلوكياتها .
الفقرة الثانية: أخلاقيات مهنة الصحافة والتعليم
أولا:أخلاقيات مهنة الصحافة
إن مفهوم الاتصال
الجماهيري الذي يرتبط بعموم الناس ووسائل الإعلام يفرض بشكل ملح تبني بعض الأخلاق
ولآداب من طرف المهنيين فيما يسمى ب "أخلاقيات مهنة الصحافة.
ونظرا للتطور
التكنولوجي وتنوع وسائل الإعلام ،فان الوقت الراهن أصبح يحتاج لقراءة مخالفة ،
وتسليط الضوء عليها بالتركيز على المهني دون إغفال عنصر المتلقي الذي يعد فاعلا
أساسيا في الإعلام
ولكي يكون لدينا
إعلاما فعالا فانه نبغي أن يتصف بمجموعة من الضوابط والسلوكيات التي تنسجم مع
أخلاقيات مهنة الصحافة ، حيث نجد قانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة قد نص في مجموعة من مواده على أخلاقيات هذه المهنة، نجد المادة الأولى تنص "تحدت
تحت اسم المجلس الوطني للصحافة هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي
يشمل نطاق اختصاصها الصحافيين المهنيين والمؤسسات الصحافية ويعهد إليها بالحرص على
صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة ، وعلى التقييد بأخلاقيات المهنة
والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها والسهر بوجه خاص على ......ـــضمان الحق
لكل صحافي في الإعلام أو التعليق أو النشر مع احترام مبادئ وأخلاقيات المهنة
."
كما نصت المادة الثانية في فقرتها الثالثة على وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة
والعمل على نشره بالجريدة الرسمية داخل أجل أقصاه ستة لأشهر من تنصيب المجلس
والسهر على تفنيده فور نشره.
ومن بين الالتزامات التي ينبغي لأعضاء المجلس الوطني للصحافة القيام بها في
مزاولتهم لمهنتهم ما جاءت به المادة 10 من
نفس القانون ، "التجرد والنزاهة مع الامتناع طيلة مدة عضويتهم على اتخاذ أي
موقف علني بخصوص القضايا المعرضة أمام المجلس....كما يلتزم أعضاء المجلس بسرية المداولات وبكتمان السر المهني طبقا
للنصوص التشريعية الجاري بها العمل .
ومن الأخطاء المهنية التي تستوجب تأديب المجلس الوطني للصحافة ما نصت عليه
المادة36 من قانون90.13 كل إخلال بقواعد و
أخلاقيات ونزاهة المهنة وبالأنظمة المعدة وفقا لمقتضيات المادة الثانية من هذا
القانون .
ثانيا :أخلاقيات مهنة التعليم
لا شك أن من أهم عوامل نجاح العملية التعليمية هو المعلم الجيد الذي يتصف
بحمولة أخلاقية وقيمية عالية ،لأن طبيعة عمله تقتضي منه أن يكون صاحب رسالة أكثر
منه صاحب مهنة ، وبقدر ما يكون مؤهلا لحمل هذه الأمانة بقدر ما ينجح في تربية
الأجيال ، وحيث أنه صاحب مهمة كبيرة يجب أن يتخلق بأخلاقيات المهنة ،وأن يتصف
بصفات قد لا تتوفر في غيره .
ومن بين الصفات
التي ينبغي توفرها في المعلم :
ــ الإخلاص
والضمير المهني
ـ الالتزام بآداب
وأخلاقيات
ــ صيانة العلم من
المفاسد....
وقد جاء القانون رقم من 01.00
المتعلق بتنظيم التعليم العالي
ببعض المبادئ
والأهداف التي ينبغي أن يرتكز عليها ،ومن جملة هده المبادئ والأهداف ما نجده في
المادة الأولى من القانون أعلاه "يرتكز التعليم العالي موضوع هذا القانون على
المبادئ الآتية:
ــ يدرس وينمو
ويتطور في إطار التمسك بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها .
ــ يفتح في وجه
جميع المواطنين المتوفرين على الشروط المطلوبة على أساس تكافؤ الفرص.
ـــ يمارس وفق
مبادئ حقوق الإنسان والتسامح وحرية التفكير والخلق والإبداع مع الاحترام الدقيق
للقواعد والقيم الأكاديمية وللموضوعية والصرامة والأمانة العلمية والنزاهة
الفكرية.
ـــ يهدف التعليم
العالي إلى تكوين الكفاءات وتطويرها وتنمية المعلومات ونشرها في جميع الميادين