المقدمة:
يعتبر حق الملكية من الحقوق الأساسية التي يتمتع
بها الإنسان، والذي يمنح له سلطات كاملة يمارسها على ملكه، لذلك فإن معظم الشرائع
السماوية والمواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية عملت على حماية على
حماية هذا الحق، وضمان عدم المساس بها في هذا الإطار قال تعالى " يأيها الذين
آمنو لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" كما
نص الفصل 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواطن على أن "حق الملكية
مقدس و لا يمكن أن يحرم أحد منه إلا إذا فرضت ذلك الضرورة العامة بصورة قانونية
شرط دفع تعويض عادل و مسبق".
وفي نفس الاتجاه سار المشرع المغربي في جميع الدساتير التي عرفتها المملكة من دستور 1962 إلى دستور 2011 الذي ينص في فصله 35 على انه يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون".
كما أن
المادة 23 من مدونة الحقوق العينية نصت على أنه "لا يحرم احد من ملكه إلا في
الأحوال التي يقررها القانون، لا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة ووفق
الاجراءات التي يقررها القانون و مقابل تعویض مناسب".
لكن رغم أن حق الملكية حق مقدس و ان القانون هو الذي يقره و يحميه، إلا أنه بالمقابل قد تحتاج الدولة لتنفيذ برامجها وسياستها العمرانية في مختلف المجالات إلى عقارات تفرغ فيها مشاريعها المختلفة، وفي سعيها إلى تملك هذه العقارات تصطدم بمجموعة من العقبات من قبيل رفض الملاك التنازل عنها أو التراضي بشأنها. ولما
كانت الدولة ليس أمامها إلا أن تنفذ مشاريعها تطبيقا لمبدا تغليب الصالح العام على
الصالح الخاص فإنه لم يكن أمامها سوی سن تشريع كما تم بيانه من ذي قبل يخول لها
الحق في نزع ملكية الأراضي التي تحتاجها جبرا
وتعتبر مسطرة نزع الملكية أخطر إجراء يتعرض له الملاك من المواطنين لكونه يصيب حق الملكية الذي يعد من أقدس الحقوق الممنوحة للأفراد، لهذه الاعتبارات و من أجل نزع الملكية يجب احترام مجموعة من الشروط، بحيث لمجرد تخلف شرط من الشروط، تعتبر عملية النزع ليس لها أي قيمة، و يمكن الطعن فيها بالإلغاء وتأكيدا لما سقناه جاء الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية العاشرة، ".... و على سبيل المثال، فالعديد من المواطنين يشتكون من قضايا نزع الملكية، لأن الدولة لم تقم بتعويضهم عن أملاكهم، أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة،
تضر بمصالحهم، أو لأن مبلغ التعويض أقل من ثمن البيع المعمول به، وغيرها من الاسباب إن نزع
الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة القصوى، وأن يتم التعويض طبقا للأسعار المعمول
بها في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط مساطر الحصول عليها. ولا ينبغي أن يتم تغيير وضعية الأرض التي تم نزعها، وتحويلها لأغراض تجارية أو تفويتها من أجل المضاربات العقارية " وتتمكن أهمية الموضوع في تعزيز الحماية المقررة
للملكية العقارية الخاصة ضد أي شطط أو تعسف من طرف الإدارة أو من يقوم مقامها عند
لجوئها إلى استعمال هذه الآلية القانونية، وذلك باحترامها لمجموعة من الشروط،
ويثير موضوع بحثنا هذا العديد من الإشكاليات أهمها:
إذا كانت
الإدارة تتمتع بسلطة واسعة في تقدير ما يشكل مصلحة عامة وما يشبع
الحاجات العامة، فما هي الحدود التي ترد على حق الإدارة أو من يقوم مقامها في
ممارسة سلطتها التقديرية عند تحديدها للمنفعة العامة؟
- ما هو دور القضاء الإداري في كبح جماح الإدارة
المتزايد في نزع الملكية و في مراقبة تصرفاتها في هذا الشأن ؟
و هكذا وبغرض الإلمام بجوانب الموضوع المتشعبة و
التطرق لمختلف الإشكاليات المطروحة ودراستها اعتمدنا التصميم الآتي:
المبحث الأول : الشروط المتعلقة بالمرحلة الإدارية لنزع الملكية من اجل
المنفعة العامة.
المبحث الثاني : الشروط المتعلقة بالمرحلة القضائية لنزع الملكية من
اجل المنفعة العامة .
شروط نزع الملكية من أجل المنفعة العامة تحميلPDF