-->
U3F1ZWV6ZTczODgxNjA1NzJfQWN0aXZhdGlvbjgzNjk3NjY4OTI5

القراءة في الفصل 26-327 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بحجية الحكم التحكيمي

 

القراءة في  الفصل 26-327 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بحجية الحكم التحكيمي

القراءة في  الفصل 26-327

"يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدروه حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه.

غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به ، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه ، إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ. وفي هذه الحالة ، يطلب تخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص تطبيقا للفصل 310 أعلاه حسب المسطرة المنصوص عليها في الفصل 31-327 بعده وبالآثار المشار إليها في الفصل 32-327 وما يليه.

تطبق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية التي لا يطالب في شأنها بصيغة التنفيذ."

هذا النص هو الفصل 327-26 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974). بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.

وهذا الفصل أضيف بالمادة الأولى من القانون رقم 05-08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 169-07-1 بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) : ج. ر. عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)).

والذي جاء في القسم الخامس "المساطر الخاصة " من الباب الثامن المعنون ب"التحكيم و الوساطة الاتفاقية " من الفرع الأول المعنون "بالتحكيم الداخلي " من الجزء الفرعي الثالث تحت عنوان "الحكم التحكيمي "

يتألف هذا الفصل من 3 فقرات تبتدئ الفقرة الأولى بكلمة "يكتسب " و تنتهي ب "الفصل فيه",
و الفقرة الثانية تبتدئ ب "غير أن" و تنتهي ب " الفصل 32-327 و ما يليه " , و الفقرة الثالثة تبتدئ بكلمة "تطبق" و تنتهي بكلمة " التنفيذ".

الملاحظ من خلال استقرائنا للفصل أعلاه أن المشرع استعمل مصطلحات قانونية كالحكم , حجية ,النزاع , القانون العام , أمر , التنفيذ , القاضي , الأحكام ..., و استعمل أيضا كلمات مفاتيح  و هي "الحكم التحكيمي" ,"حجية الشيء المقضي به " , أشخاص القانون العام " , "صيغة التنفيذ"... .

لقد ابتدأ المشرع  الفصل "يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به.." الشيء الذي يؤكد لنا أن الأحكام التحكيمية كقاعدة عامة تتمتع لقوة تنفيذية و حجية بين أطراف عقد التحكيم ,ة لا تحتاج إلى أن تتمتع بالتذييل بالصيغة التنفيذية , و بالتالي فالحكم التحكيمي بمجرد صدوره عن الهيأة التحكيمية, المحكم فانه لا يتمتع بالحجية فقط بل حتى بالقوة التنفيذية.

ولكن هذا لا يعني أن جاء بهذه القاعدة على اطلاقيتها بل وضع عليها استثناء و هو ما يلاحظ من قراءتنا للفقرة الثانية من الفصل المذكور "غير أن الحكم التحكيمي..." و بالتالي جعل لنا حالات ينبغي فيها ضرورة الحصول على إذن التذييل بالصيغة التنفيذية و هو ما سنتطرق إليه بالإضافة إلى كون الأحكام التحكيمية يطالها التنفيذ المعجل الذي يطال الأحكام شرط أن لا يطالب في شأنها بالصيغة التنفيذية .

و بعد قراءتنا لنص الفصل 327-26 من ق.م.م تبادر لأذهاننا إشكالية محورية :

إلى أي حد جعل المشرع الحكم التحكيمي مكتسبا لحجية الشيء المقضي به بمجرد صدوره ؟

و تتفرع عن هذه الإشكالية المحورية إشكاليتين فرعيتين :

ما هي الأحكام التحكيمية المكتسبة لحجية الشيء المقضي به بمجرد صدورها؟

و ها هي الأحكام التحكيمية التي تحتاج لتذييل بالصيغة التنفيذية لكي تكون لما حجية و الجهة المكلفة بهذا التذييل ؟

وهدا ما سنجيب عليه في الاتي

المطلب الأول :حجية الحكم التحكيمي كقاعدة عامة

الفقرة الأولى:تعريف عقد التحكيم وطبيعته القانونية

 

<><>

التحكيم لغة من مادة حكم وتعني طلب الحكم ممن يتم الاحتكام إليه وهذا الأخير يسمى حكما أو محكما، أما في الاصطلاح القانوني فهو اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية على أن يتم اختيارهم للفصل في المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن  تثور عن طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين ويتولى الأطراف تحديد أشخاص المحكمين أو على الأقل يضمنون اتفاقهم على التحكيم بيانا لكيفية اختيار المحكمين، أو أن يعهدوا لهيئة أو مركز من المراكز الدائمة للتحكيم لتتولى تنظيم عملية التحكيم وفقا للقواعد أو اللوائح الخاصة بهذه المراكز.

ومما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد هو انه قد تعددت آراء الفقه حول تحديد الطبيعة القانونية لنظام التحكيم، فاتجه البعض إلى ترجيح الطبيعة القضائية في حين رجح البعض الآخر الطبيعة العقدية أو التعاقدية للتحكيم، وحاول البعض الآخر الأخذ بموقف وسط، عن طريق تبني حل توافقي  مقتضاه اعتبار نظام التحكيم في مجموعة مزيجا من العنصرين، ومن تم فانه يتسم بطبيعة مختلطة

فأما أنصار النظرة التعاقدية لنظام التحكيم فيرون أن نظام التحكيم ذو طبيعة تعاقدية، وليست قضائية ، ذلك أن أعضاء هيئة التحكيم ليسوا قضاة ، وليس لهم ولاية الحكم، وأنهم مجرد أفراد عاديين ، أو أشخاص غير قضائية ، كما أن أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات التي تدخل أصلا في الولاية القضائية المقررة للقضاء في الدولة ليست أحكاما قضائية وإنما تستعير هذه الأحكام أثارها من إرادة الأطراف المحتكمين الذين حكموهم للفصل في المنازعات، ويتضح من هذا ان جوهر النظرية العقدية لطبيعة التحكيم يتأسس على أن التحكيم هو من عمل الأطراف، فهو تراضي أو اتفاق أو عقد ينشأ عنه  نظام التحكيم.

وأما النظرية القضائية فإنها تقوم على أساس تركيز النظر والاعتماد على طبيعة المهمة التي يؤديها المحكم، فهو يفصل في نزاع شانه القاضي، ويجوز حكمه حجية الأمر المقضي به، بل يتميز حكم التحكيم بعدم قابليته للطعن فيه في ظل معظم التشريعات والاتفاقيات الدولية، في حين ان حكم القاضي قابل للطعن فيه. فالمحكم يؤدي وظيفة القاضي أنه  قاضي خاص يقابل قاضي الدولة وسند قيام المحكم بوظيفة القاضي هو قانون الدولة التي سمحت بالتحكيم كوسيلة لحسم المنازعات يمكن للأفراد الالتجاء إليهاوأما النظرية المختلطة: أنصار هذه النظرية يرون ان تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم يتم من خلال تحديد التأثيرات المزدوجة لفكرتي العقد والقضاء في هذا النظام، فالطبيعة العقدية تجد أساسها في اتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم للفصل في بالنزاع القائم بينهم، وهذا يتطلب احترام هذا الاتفاق انطلاقا من احترام مبدأ سلطان الإرادة ، والطبيعة القضائية تجد أساسها في الفصل في هذا النوع وفقا لإجراءات قضائية يصدر بناء عليها حكم قضائي وتعتمد أسانيد هذه النظرية على الدور الجوهري الذي تمثله إرادة أطراف النزاع وعلى المهمة القضائية التي يقوم بها المحكم.

وأخيرا هناك النظرية المستقلة  التي ترى بان التحكيم يعتبر عملا مستقلا له طبيعة متميزة خاصة به، فهذه النظرية لا تعتبر التحكيم عملا إراديا كالصلح، كما لا تعتبره عملا قضائيا كالقضاء الذي ينزل حكم القانون على النزاع بحكم مفروض على الأطراف وإنما تعتبر التحكيم عملا ذاتيا مستقلا، لأنه ينطلق من اعتبارات خاصة يجب مراعاتها بقدر المستطاع لتحقيق مصالح الخصوم، والتحكيم وفقا لهذه النظرية هو نظام أصيل متحرر من العناصر التعاقدية والقضائية، ويضمن السرعة الضرورية في نظر القضايا وتقول هذه النظرية بان إرادة الأطراف المتفقة على التحكيم وان كانت أساس نظام التحكيم إلا أنها لا تمس شموله وتطوراته.

الفقرة الثانية : حجية حكم المحكمين كقاعدة عامة :

يتمتع الحكم التحكيمي بمجرد صدوره بالقوة الإلزامية و التي تستمد أولا من إتفاق الأطراف أي من توقيعهم لاتفاق التحكيم, و عادة ما يتم التعبير عليه صراحة في هذا الإتفاق بإدراج عبارة "أن قرار التحكيم يعتبر ملزم ونهائي".

   كما تستمد هذه الإلزامية من إعتبار أن المحكم يقوم بنفس الوظيفة التي يقوم بها القاضي و يصدر حكما ملزم للخصوم, و يتمتع بالحجية على نحو يؤدي إلى عدم إمكانية عرض نفس المنازعة التي صدر بشأنها حكم التحكيم على القضاء العام مرة أخرى أو على قضاء التحكيم.  

وهذا ما أكدته النصوص القانونية في مختلف الدول, فقد نص المشرع الجزائري في المادة1030 من " أن أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي فيه فيما يخص النزاع المفصول فيه".

كما تنص المادة 1476 من قانون المرافعات الفرنسي أنه تكون لحكم التحكيم منذ صدوره حجية الشيء المقضي فيه فيما يتعلق بالخلاف الذي يحسمه.

    و من خلال هذه الخاصية التي يتميز بها حكم التحكيم يدق التميز بينه و بين مجموعة من الأنظمة المشابهة له, بالإضافة إلى التطرق إلى موقف الشريعة الإسلامية من إلزامية حكم التحكيم.

 و هو ما أكدته الفقرة الأولى من الفصل 327-26 عن قانون 08-05 " يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدروه حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه"

فإنه بعدما كانت جميع الأحكام الصادرة في المادة التحكيمية لا تتمتع بأية قوة تنفيذية ما لم تكن مذيلة بالصيغة التنفيذية التي كان يمنحها رئيس المحكمة ، أصبحت الأحكام التحكيمية كقاعدة عامة تتمتع بهذه القوة و لا تحتاج إلى أن تتمتع بالتذييل بالصيغة التنفيذية، و هذا ما أشار إليه الفصل327-26 من قانون المسطرة المعدل بقانون 08/05 الذي يتحدث عن حجية الشيء المقضي به، كما ينص على أن الحكم التحكيمي بمجرد صدوره عن الهيأة التحكيمية أو المحكم يتمتع لا بالحجية فحسب و إنما بقوة التنفيذ

و بالتالي إذا استجمع حكم المحكمين كل شروطه و مقوماته أصبح متمتعا بحجية قانونية قاطعة و لو كان قابلا للطعن و قبل شموله بأمر التنفيذ لأنه لا يحوز قوة الشئ المقضي به

و لئن كانت حجية الحكم التحكيمي، محل إجماع الفقهاء، فإن اعتباره ورقة رسمية فيه اختلاف ولو أن الرأي الغالب يذهب الى أنه بالفعل يتميز بالرسمية.
وقد أكد قانون التحكيم المصري الصادر سنة 1994 على أن حكم المحكمين ورقة رسمية، لأنه ليس بالضرورة أن تصدر هذه الورقة من موظف عمومي، و إنما يكفي أن يصدر من شخص أنيطت به خدمة عامة أو كلفه القانون بالتزام عام معين، و المحكم و الحالة هذه، اختير من قبل الأطراف ليضطلع بمهمة تطبيق القانون، و هي مهمة ذات طابع عمومي، في نطاق معين.
أما في المغرب، و أمام غياب نص صريح في المسألة، يمكن القول بأن حكم المحكمين ورقة رسمية باستقراء بعض النصوص كالفصلين 418 و 419 من قانون الالتزامات و العقود.

فالفصل 418 يقضي بأن: " الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد... وتكون رسمية أيضا :

- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم

- الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية و الأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها ".

و ينص الفصل 419 على أن
"
الورقة الرسمية حجة قاطعة على الغير في الوقائع و الاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي التي حررها بحصولها في محضره و ذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".
و ما يؤكد هذا الطرح أن قرارا لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء[1] تضمن في حيثياته أسانيد قوية على ذلك، و نظرا لأهميتها نورد البعض منها كما جاءت في القرار
"
حيث إن المقرر فقها و قضاء أن قرارات التحكيم تكتسب حجيتها فيما قضت به من الحقوق انطلاقا من القرينة القانونية القاطعة التي تقررها، من حيث أمر التنفيذ الذي يصدر عن رئيس المحكمة الابتدائية في نطاق أحكام الفصل 322 من ق.م.م.
يقتصر على منح الصيغة التنفيذية للمقرر التحكيمي ليضحى قابلا للتنفيذ، و يقتصر دور هذا الأخير على القيام بفحص ظاهري للمقرر المذكور للتأكد من عدم تعارضه مع مقتضيات النظام العام وفق المنصوص عليه في الفصل 306 من نفس القانون.
و حيث أنه لذلك يتعين التفريق بين حجية الشيء المقضي به للمقرر التحكيمي، و بين القوة التنفيذية التي تمنح لهذا المقرر بأمر من رئيس المحكمة الذي لا يبت في جوهر النزاع.
حيث إنه لما كانت حجية الشيء المقضي به هي قرينة قاطعة على الحقيقة التي يحملها سواء الحكم القضائي أو المقرر التحكيمي، و تعني هذه القرينة أن الوقائع المثبتة في المدلول الذي يشير إليه الفصل 419 من ق.ل.ع و الحقوق التي فصلت فيها ، لا يمكن أن تكون محل مجادلة جديدة

فإنه ليس هناك محل للتمييز بين الأحكام الأجنبية المشار إليها في الفصل المذكور و بين مقررات التحكيم التجاري الدولي، بالنظر للمقرر التحكيمي المعتمد عليه في الطلب . " 

و ما يعزز حجية الحكم التحكيمي إلى جانب ما سبق، أنه لا يقبل كقاعدة أي طريق من طرق الطعن

، فهو لا يقبل الاستئناف و لا النقض. و يكون المشرع المغربي بموقفه هذا قد خالف نهج المشرعين الفرنسي و الأردني اللذين يسمحان بالطعن في أحكام المحكمين بالاستئناف و النقض و إعادة النظر و التعويض و البطلان.
غير أنه مع ذلك يجوز الطعن في الحكم التحكيمي بإعادة النظر طبقا للفصل 327-34 من قانون المسطرة المدنية  و كما هو معلوم لا يقبل الطعن بإعادة النظر إلا للأسباب التي حددها الفصل 402 من نفس القانون
و ينبغي تقديم طلب إعادة النظر داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم التحكيمي و أداء مبلغ الغرامة التي يمكن الحكم بها على الطرف الخاسر ، و في حالة قبول الطعن، يعود الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدوره بمعنى أنه يرجع النظر من جديد للمحكمين للبت في النزاع.
كما سمح المشرع بالطعن في أحكام المحكمين بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، و يسوغ كذلك الطعن بالاستئناف في أمر رئيس المحكمة الابتدائية بشأن الصيغة التنفيذية أو بالنقض في هذا الاستئناف لدى محكمة النقض.

المطلب الثاني :الحالات التي لا يحصل فيها الحكم التحكيمي على حجية إلا بتذييله بالصيغة التنفيذية و المحكمة المختصة

<><>

بالرجوع إلى الفصلين " 26-327 في فقرته الثانية والفصل 31-327 " نجدهما يحددان لنا هاته الحالات و هي الأحكام التي كان أحد أطراف النزاع فيها شخصا معنويا ومتى كان الحكم التحكيمي ينفذ جبريا (فقرة أولى ) ثم بعد ذلك لابد من الإشارة إلى الجهة المختصة بمنح هذه الصيغة التنفيذية (فقرة ثانية ).

الفقرة الأولى :الأحكام التي تحتاج إلى التذييل بالصيغة التنفيذية و أجراءتها حسب الفصل 26-327

أولا :الأحكام التي تحتاج إلى التذييل بالصيغة التنفيذية :

بقراءتنا للفقرة الثانية من الفصل 327 – 26 ق .م.م  "غير أن الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به ، عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه ، إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ. وفي هذه الحالة ، يطلب تخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص تطبيقا للفصل 310 أعلاه حسب المسطرة المنصوص عليها في الفصل 31-327 بعده وبالآثار المشار إليها في الفصل 32-327 وما يليه".

قبل التحدث عن هذه الأحكام التي تستوجب الحصول فيها على الصيغة التنفيذية لابد من الإشارة إلى مدى كون الصيغة التنفيذية تعد ركنا جوهريا من أركان المقررات التحكيمية ؟,

 فقد انقسم الفقه حول ذلك , حيث لم يعتبرها أغلبهم عنصرا من العناصر الأساسية المكونة لهذه المقررات لكونها عمل قضائي ذي طبيعة خاصة بينما المقررات التحكيمية فإنها تكتسب حجية الأمر المقضي به بمجرد صدورها.

وبالتالي تبقى الصيغة التنفيذية في نظرهم مجرد مسألة ثانوية تلعب دور في تحويل المقررات التحكيمية إلى سندات تنفيذية لا غير.

ومن بين القوانين التي تبنت هذه النظرية هناك القانون الإجرائي التونسي , إذ نص في الفقرة الثانية من المادة 32 على أنه "يكون له (أي المقرر التحكيمي ) بمجرد صدوره نفوذ الأمر المقضي به بالنسبة لموضوع الخلاف الذي بث فيه ". أما المشرع الفرنسي فقد كان قبل إدخاله التعديلات على القانون المدني لا يعتبر الحكم التحكيمي عملا قضائيا إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية .و هذا ما تفاداه القضاء الفرنسي بعدما أصبح يمنح هذا المقرر حجية الأمر المقضي به ولو قبل تذييله بالصيغة التنفيذية"

وهذا ما أكده الفصل 26-327 من خلال الفقرة الأولى كما سبق الذكر في المطلب الأول .

بالرجوع إلى أحكام المحكمين التي تحتاج لتذييل بالصيغة التنفيذية  , هناك الحالة التي يكون الحكم التحكيمي متعلق بالأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام ,فهنا و بناء على العبارة التي جاء بها الفصل أعلاه فهي بمثابة استثناء استثناه المشرع و لم يجعل للحكم المحكمين أي حجية إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية و كما أشار لنا الفصل أعلاه إلى الاختصاص أيضا حيث أحالنا على الفصل 310  الذي يرجع اختصاص النظر في طلب التذييل بالصيغة التنفيذية في هذا النوع من الأحكام إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني  و ليس إلى رئيس المحكمة الإدارية.

كما أنه إذا تعلق التحكيم بمادة تدخل في اختصاص القضاء العادي فان محكمة الاستئناف هي المختصة ترابيا لمنح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم  , و في النزاع محكمة الاستئناف التجارية هي المختصة.

هذا دون أن نغفل ذكر الجهة التي لها الحق في طلب تخويل صيغة التنفيذ ,و هي الطرف الأكثر استعجالا حسب منطوق الفصل 327-26.

و من جهة أخرى و بالرجوع الفقرة الأولى من الفصل 31-327 الذي أحلنا إليه بمقتضى الفصل 26-327 و التي تنص على " لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها".

فانه يتبين لنا الاستثناء الأخر الذي وضعه المشرع و الذي بمقتضاه يحتاج الحكم التحكيمي إلى التذييل بالصيغة التنفيذية لكي تكون له حجية و هي الحالة التي التحكيم جبريا , و منه فالمشرع المغربي لم يمنح المقرر التحكيمي القوة التنفيذية لذاته و إنما نص على ضرورة تذييله بالصيغة التنفيذية في هاته الحالة.

الفقرة الثانية: إجراءات التذييل بالصيغة التنفيذية :

 

<><>

من خلال المقتضيات التي جاءت بها أيضا الفقرة الثانية من الفصل 327-26 فانه يحدد لنا مسطرة طلب تخويل صيغة التنفيذ و التي أحالنا بشأنها للفصل 31-327 ,و التي يمكن إجمالها فيما يلي

-من بين المستجدات التي جاء بها المشرع في التعديل الجديد تمديده المدة الزمنية  التي يتعين خلالها على المحكم أو احد الأطراف القيام بوضع المقرر التحكيمي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ,فبعدما كانت هذه المدة بمقتضى القانون القانون القديم محددة في 3 أيام دون تحديد تاريخ احتسابها ,أصبحت الآن محددة في 7 أيام تحتسب من يوم صدور المقرر,  و تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يرتب أي اثر قانوني في حالة عدم إيداع المحكمين أو الأطراف للمقرر التحكيمي بكتابة الضبط داخل الأجل القانوني
ـ إرفاق الحكم التحكيمي باتفاق التحكيم وذلك حسب مقتضيات الفصل 31-327 من القانون المذكور في فقرته الثانية على أنه " يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن أحد المحكمين أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل سبعة أيام كاملة تالية لتاريخ صدوره"
طلب موجه للسيد رئيس المحكمة من أجل إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي وتخضع لكافة الشروط المتطلبة في المقالات والطلبات التي ترفع للسيد رئيس المحكمة ومنها ذكر أطراف النزاع والوقائع وموضوع الطلب بالإضافة إلى أداء الرسوم القضائية.

و أبعد من هذا فمنح الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي لا يقبل أي طعن كقاعدة عامة  حسب منطوق الفصل 327 - 32  و حسن ما فعله المشرع من خلال إقراره هذا المبدأ خصوصا لكون ذلك من شأنه تبطئ الإجراءات المسطرية و استغراق الحكم التحكيمي آجالا طويلة لاكتساب حجية الشيء المقضي به ,و لكن بالرغم من هدا فالمشرع اقر حماية من جهة أخرى و هي إمكانية الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي و دلك تحقيقا لمبدأ العدالة .

 وتوضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي و بهذه العملية يكتسب هذا الحكم سنذه التنفيذي و يكون لكل طرف في التحكيم أن ينفذه من تلقاء نفسه ,و في حالة الرفض يتم تنفيذه جبرا ولا ينفد جبرا إلا بتذييله بالصيغة التنفيذية كما سبق الذكر. .

 

تعديل المشاركة
author-img

droitpressse

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة