يتلخص مبدأ السنوية في أن توضع الميزانية السنة (12 شهر)، بالتالي فإن ترخيص ومصادقة البرلمان لما تتقدم به الحكومة من تقديرات مالية يخص السنة بكاملها ، يهم الأمر كلا من النفقات و المداخيل ، بمعنى أن مدة نهاية الاثني عشر شهرا تجعل الحكومة تعود مرة أخرى للبرلمان لتطلب الإذن لها باعتماد ميزانية جديدة عن السنة الموالية
مصادقة البرلمان تنتهي بنهاية السنة بالنسبة للمغرب . ويتم التنصيص على سنوية الميزانية بمقتضى المادة 6 من القانون التنظيمي للمالية « تبدأ السنة المالية في فاتح يناير وتنتهي في 31 ديسمبر من نفس السنة»
لماذا ادن يتم اختيار مدة سنة كإطار لتنفيذ الميزانية ؟
ا - إن مدة السنة تستجيب لمجموعة من الاعتبارات :
سیاسيا: إن البرلمان يجب أن يتمكن من مراقبة عمل الحكومة بشكل متواصل و مستمر، إذ أن وضع الميزانية لمدة سنة يجعل البرلمان على علم دوري بما تنوي الحكومة نهجه بالنسبة لكل سنة
- بمعنى آخر أن البرلمان تكون له الفرصة لمناقشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومراعاة الحكومة لكل ذلك داخل ميزانياتها، وبالتالي فمراقبة دائمة هو ما يحققه مبدأ سنوية الميزانية لمن يمثلون الأمة : فالحكومة تضطر إلى الرجوع إلى البرلمان في فترة قصيرة هي السنة.
- إن المبدأ يؤدي إلى تقييد سلطة الحكومة ولهامشها في العمل ، وبالتالي فرقابة البرلمان قد تضعف إذا وضعت الميزانية لأكثر من سنة.
- وتقنيا وعمليا، فإن هذه المدة هي الكفيلة بجعل الحكومة تحضر مشروعها المالي ،حيث لا يتصور أن تتمكن بكل دقة من تحديد احتياجاتها المالية لتنفيذ برامجها إلا عبر مدة السنة، وأن الحكومة في تقديراتها يصعب عليها القيام بذلك لمدة تزيد عن السنة
- إن الحكومة توجد أمام تحديد احتياجاتها سواء فيما يتعلق بالنفقات أو الموارد، وحتى تتوافق عملية تحصيل الأموال مع الحاجات الاتفاقية، فيجب أن تكون المدة المرجعية بالنسبة الكليهما واحدة من جهة، ومن جهة ثانية إن السنوية قياس يعتمد عليه في الأنشطة الاقتصادية والمالية والتجارية وكذلك الفلاحية خاصة بالنسبة لدولة فلاحية المغرب.
فأغلبية المداخيل هي من هذا القطاع الذي يعتمد على فصول السنة بكاملها لتقدير محاصيله وتكاليفه. وسواء تعلق الأمر بالفلاحة أو بغيرها ، فان تقدير النفقات و المداخيل كان من المفترض أن يكون لسنة تعرف فيها الميزانية كافة تقلبات فصول السنة . .
- وإذا حددت الفترة المالية لمدة اقل من السنة، فإن الأمر لن يكون بالتوفيق المتوقع لعدم إمكانية تطابق الجباية و الإنفاق من جهة , ومن جهة ثانية لأن الأمر سيجهد كلا من الحكومة والبرلمان اللذان سيضطران لتقدير الميزانية لأكثر من مرة وإقرارها. و بالتالي التهديد بعدم إمكانية التفرغ للقيام بمهمات أساسية أخرى غير قانون الميزانية وتحضيراتها.
- وان تحضير الميزانية و اعتمادها عمل شاق بالنسبة للسلطتين من تم لا يصح أن تتكرر العملية أكثر من مرة داخل السنة
- وضع الميزانية لأكثر من سنة يبعد الحكومة عن الواقعية في التقدير خاصة أن قانون المالية ينبني على التوقع والتنبؤ لما ستكون عليه احتياجات الدولة و تطور الأوضاع .
غيران لمبدأ السنوية سلبيات دلك انه أولا يدفع بالمصالح الإدارية إلى إنفاق جميع اعتماداتها قبل نهاية السنة المالية خوفا من ضياعها (الإسراف) ، و يؤدي كذلك إلى تعمد الحكومة التعجيل في الحصول على بعض الإيرادات وتأخير دفع بعض النفقات مع قرب نهاية السنة ، أو حينما تعمد وزارة المالية إلى التباطؤ في الوفاء بجزء من التزاماتها قصد التخفيف من حجم النفقات :حالة مالية حرجة، أو إعطاء صورة متوازنة للحساب المالي .
كما أن المبدأ لا يساعد على الأخذ بعين الاعتبار لميزانية الدورة الاقتصادية التي تساعد على تدخل الدولة لضبط الاقتصاد أو تحريكه في فترة الكساء والبطالة : الزيادة في النفقات، أو في فترة الرخاء أو الرفع من المداخيل لجني احتياطي مالي للأزمات .
ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح". . .
النتيجة هي أن المشروع المصوت عليه بشكل متأخر يؤدي إلى أن القانون المالي لق في مدة أقل من السنة . وقد عاش المغرب مثل هذه التجربة بمناسبة قانون مالية سنة
19 الذي لم يصدرا لا في شهر مارس ، و قانون مالية سنة 1984 الذي نظرا لغياب البرلمان لم يصوت عليه إلا في شهر ابريل بقرار ملكي و قانون مالية 1994 الذي صدر في شهر ابريل بسبب تأخر الحكومة عن إيداع مشروع قانون المالية لدى البرلمان ما أدى الى صدور مرسومين للوزير الأول أحدهما للموارد و الآخر للنفقات. . الإعتمادات الإضافية : بناء على الفصل 43 من القانون التنظيمي" يمكن في حالة
ضرورة ملحة ذات مصلحة وطنية أن تفتح اعتمادات إضافية بمرسوم في أثناء السنة، اذ يؤدن للحكومة في دلك بموجب قانون المالية للسنة تطبيقا للفصل 45 من الدستور"
. الترخيصات في البرامج : قلنا انه نتيجة تطور وظائف الدولة من تقليدية إلى تدخلية
حيث إن تدخل الدولة في الاقتصاد بعد الحربين العالميتين وازمة 1929 أدى إلى قيامها بمجموعة من الاستثمارات ومن تم تأثرت كل أدواتها في التدخل أمكن للميزانية كأداة تسخرها لمجموع هذه الوظائف أن تتأثر وبالتالي يضفي نوع من الليونة على بعض من مبادئ الميزانية خاصة مبدأ السنوية
فقد تدخلت الدولة في برامج استثمارية من اجل تنفيذها، اضطرت إلى رصد مبالغ كان يجب أن تغطي المدة المطلوبة بكاملها، وألا تقتصر على الالتزام في تمويلها بقانون مالية السنة.
بمعنى أن الدولة واجهت نفقات استثمارية فاقت اعتماداتها السنة ، أي أن تنفيذها يصعب أن يتحقق داخل السنة ، وقد جاء في الفصل 75 من الدستور ( الفصل 50 من الدستور السابق ) انه " ...يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها، في مجال التنمية ، انجاز المخططات التنموية الإستراتيجية، والبرامج متعددة السنوات ، التي تعدها الحكومة ويطلع عليها البرلمان ، وعندما يوافق على تلك النفقات ، يستمر كمفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة مدة هذه المخططات والبرامج ، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير ما تمت الموافقة عليه في الإطار المذكور".
ثم أن الفصل 25 من القانون التنظيمي ينص على انه "يمكن أن تمنح في شأن نفقات الاستثمار الناتجة عن تنفيذ مخطط التنمية ترخيصات في برامج
نقل الاعتماد أو ترحيل الاعتمادات :
المبدأ الأساس هو أن الترخيص بالاعتمادات يكون لمدة سنة. وان الاستفادة من المبالغ المرصودة يجب أن تكون خلال السنة ، ما مؤداه أن الجهة التي ترصد الاعتمادات والتي لا تستفيد منها داخل السنة يسقط حقها في ذلك بالنسبة للسنة الموالية ، ذلك ما يقضي به مبدأ السنوية، لكن هذا المبدأ يرد عليه استثناء وهو اعتمادات الأداء التي يتم نقلها إلى السنة الموالية :
. اعتمادات الأداء تتعلق بنفقات الاستثمار التي يسمح بنقل رصيدها إلى السنة الموالية ( ترحيل الاعتمادات ).
. فائض مداخيل مرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة يرحل إلى السنة الموالية .
- رصيد الحسابات الخصوصية للميزانية : هذا الرصيد يعد استثناء لمبدأ السنوية لان فارق المداخيل والنفقات يسمح بنقله إلى السنة الموالية ، ماعدا إذا نص المشرع على مقتضیات مخالفة بمقتضى قانون المالية
- أموال المساهمات و الهبات :لأن الأصل في هذه الأموال أنها مدفوعة من طرف جهات معينة لتمويل مشاريع بعينها ، أو تغطية نفقات دون غيرها، فانه يقع على الدولة مراعاة رغبة المتبرعين بها ، وتخصيصها للمجالات التي حددت لها سلفا من قبل أصحابها، وبالتالي تنتقل من سنة إلى أخرى احتراما لتلك الرغبة ليحتفظ بتخصيصها.