-->
U3F1ZWV6ZTczODgxNjA1NzJfQWN0aXZhdGlvbjgzNjk3NjY4OTI5

الاكراه البدني في القانون المغربي


الإكراه البدني في القانون المغربي

منذ بزوغ فجر الإنسانية ، والكائن البشري يسعى قدر الامكان إلى ضمان جميع السبل الكفيلة بصيانة وحماية حرياته الفردية المقررة بمقتضى الفطرة، والتي تم التنصيص عليها صراحة ضمن مختلف الشرائع السماوية والوضعية. وتتبوأ قساوة وشراسة اقتضاء الحقوق على عهد الرومان كدعوى إلقاء اليد ووضعها على المدين  لعدم وفائه بالدين ... غير أنه سرعان ما تم التخفيف من حدة التطبيق الصارم لنظام الاكراه البدني، حيث تم حظر استرقاق المدين إذ ما تعذر عليه تسديد دينه وتم الاكتفاء بالحد من حريته الشخصية عن طريق الحبس، قبل أن تتطور فيما بعد في منحى ايجابي. جعل تطبيق الاكراه البدني في حق المدين متوقف على صدور حكم قضائي عوض إطلاق يد الدائن مباشرة للتصرف في شخص المدين. وقد اختلف في تحديد الطبيعة القانونية لنظام الاكراه البدني، بين الصفة العقابية حيث يصبح الاكراه أداة وفاء مبرئة للدين بصفة نهائية  وبين الصفة التهديدية حيث يبرز الاكراه كوسيلة لحمل المدين على الوفاء، بحيث لا يترتب على قضاء مدة الاكراه انقضاء الدين الذي كان موضوعا لمسطرة الاكراه البدني، فيمكن التنفيذ على أمواله متى تيسر ذلك، فال يسقط الدين في هذه الحالة الا بالاداء او الابراء، مع مراعاة ان الاكراه البدني لا يجوز بخصوص الدين  الواحد الا مرة واحدة . والتوجه الثاني هو ما سايره المشرع المغربي في هذا اإلطار، حيث ركز على الصفة التهديدية لإلكراه البدني، وبالتالي فلم يرتب عليه المشرع اي اثر فيما  يخص الابراء من الدين، سواء تعلق الامر بدين عمومي او خصوصي ، وهو ما نص عليه المشرع صراحة في الفقرة الثانية من المادة 635 من ق م ج التي جاء فيها بأنه:"...يتم الاكراه البدني بإيداع المدين في السجن، وفي جميع الاحوال فانه ال يسقط الالتزام الذي يمكن ان يكون محال إلجراءات الحقة بطرق التنفيذ العادية".، و اعاد التنصيص عليه كذلك بخصوص الديون العمومية، في المادة 83 من م ت د ع التي ورد فيها على انه:"....ال يسقط حسن الرميلي، االكراه البدني على ضوء التشريع المغربي والمقارن، الطبعة الاولى ،1997 مطبعة النجاح الجديدة، ص 32. 3 - عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان ، 1998 ،ص 800 وما يليها. 4 - حسن الرميلي، م س ، ص 20. 3 الدين بحبس المدين، الا انه لا يمكن اعتقاله من جديد من اجل نفس الدين ، باستثناء الحالة المنصوص علبها في المادة السابقة")المتعلقة باألداء الجزئي(. ولصعوبة إقرار تصور تعريفي شامل وموحد لمفهوم الاكراه البدني فإن المشرع المغربي تجنب إعطاء تعريف قانوني قائم بذاته وواضح في معالمه، لماهية الاكراه البدني...، ولسد ثغرات هذا الواقع التشريعي تدخل التنظير الفقهي والعمل القضائي المغربي 5 بكل ثقله لمحاولة الاحاطة، ولو بشكل تقريبي بمفهوم الاكراه البدني ، فعرفه الاستاذ ادريس بلمحجوب بأنه: "... إجبار المدين بدين عمومي أو خاص والمحكوم عليه في أغلب األحوال بمقتضى حكم نهائي غير قابل ألي طعن )عادي أو غير عادي( بالوفاء بدين كامال والا زج بالغريم في السجن لمدة يحددها القانون بناء على طلب الدائن بعد إنذار..." 6 كما عرفه الاستاذ عبد العالي العبودي ، بانه : "التهديد الجسماني للمدين بحبسه لفائدة الدائن مدة حددت بمقتضيات قانونية لتنفيذ ما حكم به...". أهمية الموضوع: تتجلى أهمية موضوع "الاكراه البدني كآلية لتحصيل الديون الخصوصية والديون العمومية" في اعتباره درجة من درجات التحصيل الجبري، وأيضا له أهمية أخرى تتجلى في حسمه النزاع أو الدعوى العمومية، فإذا كانت المراحل الاولى المتمثلة في البحث والمحاكمة ذات أهمية قصوى في النزاع، فإن موضوع الاكراه البدني له دور في تحصيل الديون العمومية والديون الخصوصية، حيث يعتبر من ضمن مراحل تنفيذ المقررات القضائية التي تكتسب أهمية من خلال تكريسها على أرض الواقع
.
التصميم
المبحث الأول : اإلكراه البدني في الديون الخصوصية والعمومية
 المبحث الثاني : الاشكالات المرتبطة بتطبيق مسطرة اإلكراه البدني


تحميل من هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة