-->
U3F1ZWV6ZTczODgxNjA1NzJfQWN0aXZhdGlvbjgzNjk3NjY4OTI5

عرض حول المنازعات المتعلقة بالأراضي السلالية فيما يتعلق بالانتفاع

الأراضي السلالية


مقدمـــة:

لقد كانت الأملاك العقارية خاضعة في جملتها قبل صدور ظهير التحفيظ العقاري لأحكام الشريعة الإسلامية ولبعض المعاهدات والاتفاقيات الدولي التي تسمح للأجانب بتملك الأراضي. وقد كانت الأراضي بالمغرب تتخذ أشكالا وتقسيمات متعددة بعضها مستمد من الشريعة الإسلامية كأراضي الأحباس وأراضي الموات وأراضي الغياب والأملاك الخاصة، والبعض الآخر مستمد  من تدخل المشرع مباشرة كأراضي الدولة وأراضي المخزن وأراضي الجيش وأراضي الجماعات السلاسية هذه الأخيرة التي عرفها الأستاذ محمد خيري "بأنها أراضي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية واجتماعية ودينية وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة بحيث أن استغلالها يتم مبدئيا بكيفية جماعية. وقد حاول المستعمر الفرنسي إبان فرضه للحماية تنظيم هذه الجماعات وأراضيها بغاية تفكيك أواصر التضامن الذي كان قائما بين سكان هذه الجماعات. وفرض نوعا من الاستعمار عن طريق إصداره عدة نصوص تمنع تفويتها ورهنها وقسمتها والحجز عليها وكسبها عن طريق التقادم وذلك تحت حجة وذريعة أن هذه  الأراضي أصبحت عرضة للاستيلاء والتفويت".
وقد كان أول تدخل رسمي في أراضي الجماعات السلالية كان بواسطة منشور صادر عن الوزير الأعظم بتاريخ 1 نونبر 1912 موجه إلى القواد والقضاة يقضي بأن الأراضي المشغولة بكيفية جماعية من طرف القبائل ستستمر إدارتها طبقا للقواعد القديمة دون إمكانية بيعها أو قسمتها وتلاه منشور آخر صادر بتاريخ 6 مارس 1914 القاضي بعدم قابلية الأراضي السلالية للتفويت وغل يد القضاء في إقامة رسوم للملكية تتعلق بهذه الأراضي، كما صدرت مجموعة من الظهائر لتنظيم الأراضي السلالية والتي لا يتسع المقام لذكرها جميعا.
ومن بين هذه الظهائر  نذكر ظهير 1919 الصادر في 27 من أبريل 1919 الذي جاء بمجموعة من التعديلات فيما يخص تنظيم الجماعات السلالية والذي عدل وتمم بظهير 6 فبراير 1963 كأهم إطار تشريعي منظم لأراضي الجماعات السلالية، وقد أثيرت بشأنه مجموعة من الإشكالات العملية نظرا لقصوره وغموض مقتضياته وعدم استجابته للتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب، الأمر الذي ترتب عنه مجموعة من المنازعات المتعلقة بأراضي الجماعات السلالية هذه المنازعات التي لا يمكن حصرها لذلك ستقتصر دراستنا لمنازعات الأراضي السلالية حول تلك المتعلقة بالانتفاع.
ومن هنا تظهر أهمية الموضوع على المستوى العملي إذ يشكل الرصيد العقاري للجماعات السلالية 15 مليون هكتار من التراب الوطني موزع على ما يناهز 4563 جماعة سلالية ويسهر على تدبير شؤونها حوالي 7747 نائب وهذا ما يفسر أن فئة عريضة من المواطنين تنتفع من هذه الأراضي الأمر الذي يخلق نزاعات فيما يتعلق بتوزيع الانتفاع وتحديد دائرة المستفيدين منه.
أما أهمية الموضوع من الناحية  النظرية، تتجلى في قلة الكتابات الفقهية والدراسات العملية بشأنه مما يفسر بشكل جلي صعوبة الإحاطة به وفهم غموضه نظار لتداخل ما هو اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي، ومن هنا تنبثق الإشكالية التالية:
إلى أي حد يمكن اعتبار المنازعات المتعلقة بالأراضي السلالية فيما يتعلق بالانتفاع عائقا أمام إدماج أراضي الجماعات السلالية في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل القصور القانوني وسيادة الأعراف؟
ولتبسيط ومحاولة الإحاطة بهذه الإشكالية ارتأينا صياغتها وفق التصميم الآتي:

المبحث الأول: الانتفاع في ظل ظهير 1919

المبحث الثاني: الجهات المختصة بالبت في النزاعات المتعلقة بالانتفاع




----    التالي>

الاسمبريد إلكترونيرسالة