جريمة تبييض الاموال وفق القانون المغربي ماهو اطارها العام ومصادر هده الاموال ؟
تعتبر قضية تبييض الاموال من
القضايا الشائكة والتي يصعب فهمها بسرعة والتي تحتاج الى جهد كبير من اجل تعريف وتصنيف
المعلومات في هذا الجانب فما هو الاطار العام
لتبييض الاموال وما هي مصادر هذه الاموال التي يتم تبييضها ؟
تعريف تبييض الاموالان مصطلح غسيل الأموال ومصطلح تبييض الأموال يلتقيان في دلالة مفهومهما ومعناهما. وهذا يعني استخدام حيل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة قانونيا، وغير قانونية لإضفاء الشرعية القانونية عليها. و يشمل هدا الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاسات وتزوير النقود، ومكافات أنشطة الجاسوسيةفهذه الظاهرة هي إحدى ثمار العولمة الاقتصادية التي يروج لها الغرب . فاصطلاح غسيل الأموال وتبييض الأموال اصطلاح عصري ومعاصر وهو بديل للاقتصاديات السوداء أو اقتصاديات الظل الخفية. وهو كسب الأموال من مصادر غيرمشروعة ، وأحياناً يتم خلط هذه الأموال الحرام بأموال أخرى حلال الاطار العام لتبييض الاموالالاطار العام لتبييض الاموال فيعود اصل تسمية غسيل او تبييض الاموال الى عصابات "المافيا "الشهيرة في ثلاثينات القرن الماضي حيث تم إلقاء القبض على زعيم هذه العصابات "ال كابون "في سنة 1931م بالتهمة الوحيدة التي امكن اثباتها عليه وهي تهمة التهرّب من دفع الضرائب. بعد ذلك بدأت عصابات "المافيا "لتأسيس او لشراء اعمال مشروعة تستخدمها لتمرر من خلالها الارباح الهائلة من العمليات الاجرامية التي تقوم بها.وتنتج الاموال التي يطلق عليها غير مشروعة او غير قانونية من تجارة الاسلحة وتهريب الآثار.. التهرّب الضريبي والارهاب وغيرها من الاعمال غير المشروعه .. وتسعى دائماً هذه الشبكات او المنظمات الى اساليب متعددة لمعالجة هذه الاموال فيهمها ان يبقى مصدر هذه الاموال غير معروف وخفي ولذلك تحاول هذه الشبكات او المنظمات معالجة هذه الاموال لتظهر انها اموال مشروعة وقانونية وحينها تعتبر هذه الاموال مبيضة ويتم تبييضها عن طريق إما التوظيف او الاستثمار او الاحلال او ادخال الاموال والذي يتم فيها ادخال الاموال غير الشرعية واستثمارها داخل الدورة المالية او التفريق او التمويه او التجميع او التشطير وفيها يتم اخفاء مصدر الاموال غير الشرعية عن طريق ابعاد الاموال عن مصدرها الى دولة اخرى او في نفس الدولة او الطريقة الثالثة وهي عملية الادماج او الدمج او المزج والتي يتم فيها اظهار الاموال غير الشرعية وكأنها اموال مشروعة وقانونية ويتم تبييض الاموال في العالم في الدول الكبرى وتستخدم المنظمات الاجرامية طرائق ووسائل مختلفة ومعقدة وعبر شبكات اجرامية دولية متعددة الجنسيات ومنتشرة في العالم وتملك السلطة والمال وتستخدم وتسيطر على سلسلة مراكز ومؤسسات مالية وترتبط بعلاقات وطيدة مع السياسيين في مختلف الدول المعنية وتعمل هذه المنظمات على مدار 24 ساعة.
إن ظاهرة
تبييض الأموال استشرت بشكل لافت وهي الآن في تنام
مستمر مع اتساع دوائر الجريمة وبدأت ظاهرة غسل الأموال تبرز من جديد، بدرجة أقوى
من السابق، وقد تزايدت بفعل اتساع أنشطة الجريمة المنظمة، التي صاحبها في ذات الوقت
استخدام أساليب أكثر كفاءة في عمليات الإخفاء والتستر، إذ أضحت عمليات تبييض الأموال
القذرة حاليا تعتمد على مهارات خاصة لاستعمال أساليب
فمحاربة جريمة تبييض الاموال |
لماذا إحداث هيأة
عمومية مركزية لمحاربة تبييض الأموال؟
قال نزار
بركة، الوزير المنتدب بالشؤون
الاقتصادية
والعامة، أن إحداث هيأة مركزية مكلفة بمحاربة تبييض الأموال تأتي في إطار
الاستراتيجية المعتمدة بخصوص تخليق الحياة العامة وتحديث الإدارة وتأهيلها أكثر للقيام
بالأدوار المنوطة بها سيما ما يتعلق بتفعيل آليات التنمية وهي الآن في طور الإعداد ستغدو بمثابة لبنة إضافية لتخليق الحياة العامة وتكريس الشفافية رغبة من
الحكومة في خدمة التنمية وتجميع الشروط لتفعيل انعكاساتها على أرض الواقع.
فهيأة مثل الهيأة المركزية لمحاربة تبييض الأموال، من شأنها دعم
جهود الهيآت الأخرى المماثلة، سيما وأنها هيآت لا تضم فقط مسؤولين في الدولة وإنما كذلك فعاليات المجتمع المدني وكفاءات وطنية مهتمة بالمجال ما دام المبتغى
واحد، وهو تخليق الحياة العامة وجعل الإدارة والمؤسسات العمومية والخاصة في خدمة تنمية
البلاد.
كما أكد
الوزير أن الحكومة عازمة على التصدي لتبييض الأموال من خلال
إنشاء هيأة مركزية لمحاربة هذه الآفة، وذلك استمرارا على درب تكريس تخليق مناخ الأعمال
وتحسين قدرته على جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
وينتظر من الهيأة
المرتقبة أن تعمل على تفعيل القانون المتعلق بمحاربة تبييض الأموال في مختلف المجالات
المالية والتجارية بغية ضمان تمويل سليم ونظيف للاقتصاد الوطني وتنقية الوضعية
لتفعيل آليات التنمية. وأيضا، يستهدف من وراء هذه الهيأة أن تساهم في إنعاش المعاملات مع
الخارج ومكافحة الجريمة المنظمة، كما ستكون مدعوة أيضا إلى العمل على منع تسرب
أموال محصلة من أنشطة إجرامية إلى الدورة الاقتصادية والمالية المشروعة، ومنع
المجرمين من التحكم أو التأثير فيها بواسطة الكميات الكبيرة من الأموال القذرة التي يضخونها
فيها.
وحسب أحد
الأطر البنكية، علاوة على المساهمة في تخليق الحياة العامة
ومحاربة الفساد المستشري ببلادنا، المطلوب أن تلعب الهيأة المرتقبة دورا هاما وحيويا
في نشر ثقافة الشفافية بين المتعاملين الاقتصاديين.
دور المشرع في محاربة غسيل الاموال
من المعلوم
أن المشرع
المغربي، من أجل تضييق الخناق على ظاهرة غسل الأموال، ألزم المؤسسات المالية بالتحري حول
مصدر الأموال المودعة لديها وجمع المعلومات الكافية عن الهوية الحقيقية للأشخاص
الآمرين بتنفيذ عمليات التحويل والإيداع والجهات التي تستقبل مختلف التحويلات،
وذلك عبر مراقبة الحسابات البنكية المفتوحة في أسماء أشخاص مشتبه فيهم والإبلاغ عن
كل عملية يعتقد أنها مرتبطة بتبييض الأموال.
قانون مكافحة تبييض الأموال
منذ ماي
2007، أضحت بلادنا تتوفر على قانون متعلق بمكافحة تبييض الأموال، هذا
علاوة على أن قانون مكافحة الإرهاب، المصادق عليه سنة 2003، يجيز جملة من الإجراءات
والترتيبات تستهدف آفة تبييض الأموال، سيما رفع السرية على المعطيات الخاصة
بالأشخاص المشتبه في صلتهم بالإرهاب وتجميد أرصدتهم البنكية.
ومن المعروف أن قوانين
مكافحة غسل الأموال بالبلدان المتقدمة تطبق استنادا إلى استراتيجية متكاملة تسعى
إلى الحفاظ على المصلحة الاقتصادية للبلاد من خلال حماية حرية المبادرة
والمنافسة الشريفة وضمان الشفافية والاستقرار للرأسمال النظيف وتبديد كل ما من شأنه
التأثير سلبا على الثقة في مقومات الاقتصاد الوطني، وما زالت هيأة حماية المال العام
تعتبر هذا القانون خطوة غير كافية تحتاج إلى سن قوانين أخرى مكملة وإدخال
تعديلات على قوانين جارية للتمكن من مواجهة الفساد عموما في المجتمع المغربي.
وكاد
المتتبعون أن يجمعوا على القول إن هذا القانون سيظل دون جدوى إن هو لم يطبق
بحذافيره على جميع المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد المالي.
|
عمليات غسل الأموال بالمغرب
لقد راكمت الأجهزة
الأمنية الكثير من المعلومات تفيد أن الشبكات والخلايا "الإرهابية"
نشطت في
مجال تبييض
الأموال ببلادنا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما تأكد من جديد بمناسبة كشف بعض أسرار
ملف عبد القادر بليرج وبعض الشبكات النشيطة في الاتجار الدولي بالمخدرات وتهريب
الأموال المحصل عليها من الفساد إلى الخارج.
تعددت مصادر
الأموال القذرة
وأساليب
تبييضها، ويحدد المشرع مفهوم غسل الأموال في كونه اكتساب أو حيازة أو استعمال أو
استبدال أو تحويل ممتلكات بهدف إخفاء أو تمويه مصادرها عندما يتم تحصيلها عن
طريق الاتجار في المخدرات وتهريب المهاجرين والاتجار في الأسلحة
والرشوة
واستغلال النفوذ والاختلاس وتزوير النقود أو السندات أو وسائل الأداء الأخرى.
وعرفت بعض
هذه الأساليب نشاطا كبيرا مؤخرا، بفعل مراكمة تجار المخدرات والممنوعات
لثروات مهمة عملوا على توظيفها في مجموعة من المشاريع داخل المغرب وخارجه، غير
أن إشكالية تبييض الأموال ليست مقتصرة على الثروات المحصل عليها من الاتجار في
المخدرات، وإنما تعني كذلك الثروات المحصل عليها عن طريق الرشوة والفساد،
والتي غالبا ما يتم تهريبها إلى الخارج لتبييضها في مشاريع هناك.
إن غسل الأموال
القذرة فعل إجرامي يرمي إلى إخفاء مصدر أموال محصل عليها بطرق غير مشروعة، وتظل
الغاية من التبييض هو البحث عن تغطية قانونية ومشروعة، لتبدو ملكية وحيازة أموال
مصدرها غير مشروع كأنها حصيلة مصدر مشروع.
وغالبا ما
يتطلب التبييض
سلسلة من
العمليات تستند إلى الغش والتزوير أو التلاعب بالقوانين الجارية، وكلما تم تبييض كمية
من المال القذر، استعمل بدوره بعد غسله لتبييض أموال قذرة أخرى وهكذا دواليك.
من العسير الوقوف بدقة على مختلف آليات ودواليب غسل
الأموال القذرة، ذلك أنها تمر بعدة مراحل قبل أن تصير جاهزة للاستعمال كأنها أموال
نظيفة حتى يتجنب أصحابها المساءلة. وغالبا ما يتم ذلك عبر الاستثمار في مجموعة من
القطاعات بغض النظر هل هي حقا مربحة أم لا، حتى لو أدى هذا التوظيف إلى خسارة بعض
المال المراد تبييضه، أو خلط مسار أموال قذرة بأموال نظيفة عبر شركات أو أنشطة أو عن
طريق تغطيتها بقروض لإنجاز استثمارات مهمة.
ويبدو أن
مجال العقار
والمشاريع
السياحية وبعض قطاعات الخدمات (المقاهي..) من الفضاءات التي تستعمل حاليا في تبييض
الأموال القذرة بالمغرب، وذلك عبر استخدام شركاء لا شبهة فيهم يتم وضعهم في الواجهة،
وغالبا ما يكونون ذوي نفوذ أو من دوائر عليا.
ومن الأساليب
المعتمدة
كذلك بالمغرب
عملية الخلط، وترمي إلى تمرير الأموال عبر عدة حسابات تحت غطاء صفقات وهمية أو
منفوخ فيها، أو تحويلات مختلفة مرتبطة ظاهريا بمشاريع متعددة، أو من خلال اقتناء
مجوهرات أو تحف نفيسة سرعان ما يعاد بيعها، أو اعتماد المساهمة في رأسمال شركات برفعه من
حين لآخر أو تمويل مشاريع متوسطة أو بعيدة المدى قصد استغلال حساباتها
البنكية كقنوات للتبييض.
كيف تعامل المشرع المغربي مع هده الجريمة
الشروط متوفرة الآن لإحداث هيأة مركزية لمكافحة
تبييض الأموال بعد المصادقة على القانون المتعلق بهذه الآفة واكتساب وحدة معالجة
المعلومات المالية التابعة للوزارة الأولى لخبرة لا بأس بها أظهرت فعالياتها خلال السنوات
الأخيرة بشهادة خبراء دوليين بعد أن عهد إليها جمع ومعالجة المعلومات المرتبطة
بغسل الأموال وتكوين قاعدة للمعطيات المتعلقة بعمليات التبييض بتعاون مع مختلف
المصالح والهيئات المعنية، هذا في وقت أضحى فيه من السهل نقل الأموال بسرعة بفعل
العولمة، مما ساهم في تنامي الجريمة الاقتصادية المنظمة التي تنتج انعكاسات سلبية وخيمة
على استقرار الأسواق المالية وتحولها دون خلق نظام مالي متين من شأنه تحقيق
التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
|