-->
U3F1ZWV6ZTczODgxNjA1NzJfQWN0aXZhdGlvbjgzNjk3NjY4OTI5

عرض حول القانون التنظيمي للاضراب

حق الاضراب


مقدمة
   يعتبر الشغل ضرورة من ضروريات الحياة، و عامل أساسي في تنمية الشعوب و تقدمها. لذلك اهتمت مختلف دول العالم بتنظيم علاقات الشغل، من أجل خلق سلم اجتماعي و استقرار العلاقات المهنية، و إقامة نوع من التوازن بين مصلحة كل من أرباب العمل و الأجراء على حد سواء، ينبني على العدل و المساواة و صيانة حقوق كلا الطرفين، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية و الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية.
  و ليس بغريب أن تحمل العلاقات بين أرباب العمل و الأجراء لاسيما إذا كانت من نوع علاقات الشغل الجماعية، بوادر نزاعات قابل للانفجار في أية لحظة. نزاعات تشهدها مختلف تشريعات العالم باختلاف أنظمتها، وقد سعت هذه الأخيرة بما فيها بلادنا إلى تنظيمها، وذلك لأن التعامل معها من خلال التنظيم لإبقائها داخل دائرة الأمان سيكون أكثر فائدة و أكثر نفعا للأطراف الاجتماعية و المجتمع ككل.
   كما عملت، معظم التشريعات على خلق آليات للحد من النزاعات الجماعية للشغل و تفادي الآثار الوخيمة لهذه النزاعات على أطراف العلاقة الإنتاجية و على الاقتصاديات الوطنية المتمثلة أساسا في كل من الإضراب من جهة الأجراء و الإغلاق من طرف أرباب العمل.
  و لا منازعة أن المؤسسة التي يضرب أجرائها عن العمل تصاب بالشلل، فهي  تتضرر اقتصاديا و يتفاقم الوضع إذا كانت مرتبطة بعقود يجب أن تسلمها في وقتها المحدد، و لها ديون يجب أن تسددها سواء إزاء الأبناك أو الأشخاص أو مؤسسات أخرى تتعامل معها. و الضرر لا يمكن في ضياع فرصة الربح أو التعجيل بالخسارة، بقدر ما يجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها التعاقدية مما يضعها تحت طائلة التعويض من جهة وفقد الزبناء من جهة ثانية.
  و يعرف الإضراب على أنه كل توقف جماعي عن العمل من طرف الأجراء بهدف حمل المشغل على قبول وجهة نظرهم في المسألة التي كانت موضوع خلاف.
 ويعتبر الإضراب ظاهرة قديمة ثبت وجودها في كل فترات التاريخ الاجتماعي، فقد مورس من طرف العمال في العصر الفرعوني والإغريقي والروماني، و بالرغم من منع التشريعات للإضراب في البداية، فقد اعترفت الدول الرأسمالية المتمدنة بالحق في الإضراب فيما عدا الحالات الإستثنائية كأوقات الحرب أو بالنسبة لموظفي الدولة.
  كما نص الدستور الفرنسي لسنة 1946 على حق الإضراب باعتباره من المبادئ الأساسية، و أكد على أن الحق في الإضراب يمارس في حدود القوانين المنظمة له .
   أما بالنسبة للمغرب لم يكن الإضراب معروفا قبل الحماية، و إبان الحماية لم يصدر أي نص تشريعي في هذا الصدد و إن شهدت في الواقع بعض القطاعات الإضراب، بالإضافة إلى أن ظهير 19 يناير 1946 المتعلق بالمصالحة والتحكيم في المنازعات الجماعية الملغى يعترف به ضمنيا، حيث نص الفصل الأول منه على أنه في جميع المِؤسسات الفلاحية و التجارية و الصناعية و في المهن الحرة يجب أن تعرض جميع خلافات الشغل الجماعية على مسطرة المصالحة قبل كل إغلاق أو كل إضراب .
  ولقد اعترفت الدساتير المغربية السابقة بحق الإضراب، و أناطت بالقانون التنظيمي أمر تحديد الشروط والإجراءات اللازمة لممارسة هذا الحق. مع الإشارة إلى أن القانون التنظيمي المعلن عنه لم يصدر بعد. و في ظل هذا الغياب فإنه يرجع للإجتهاد القضائي أمر إقرار القواعد التي يجب أن تحكم ممارسة حق الإضراب.
  و تتجلى أهمية الموضوع من الناحية النظرية في كون الإضراب يحتل مكانة هامة في نطاق علاقات الشغل الجماعية، فهو يعتبر الوسيلة الناجعة والفعالة في تسوية نزاعات الشغل الجماعية. إضافة إلى غياب قانون تنظيمي ينظم ممارسة هذا الحق.
   أما الأهمية العملية فتتجلى في كون غالبة الأجراء وغيرهم لا يعرفون ضوابط الإضراب المشروع و معالمه و آثاره على وضعيتهم الاجتماعية في ظل غياب قانون ينظم هذا الحق.      
   ومن هذه الأهمية تظهر لنا إشكالية الموضوع على النحو التالي:
 هل استطاع مشروع القانون التنظيمي و معه التشريعات المقارنة تنظيم الحق في الإضراب دون إفراغه من محتواه؟
و للإجابة على هذه الإشكالية سيتم اعتماد التصميم التالي:

  المبحث الأول: الإضراب و مشروعيته

المبحث الثاني:تنظيم ممارسة حق الإضراب من خلال مشروع القانون التنظيمي و القوانين المقارنة


الفهرس

المبحث الأول: الإضراب و مشروعيته
المطلب الأول: مفهوم الإضراب و عناصره
الفقرة الأولى: مفهوم الإضراب
الفقرة الثانية: أنواعه و عناصره
المطلب الثاني: مشروعية الٌإضراب
الفقرة الأولى: مصادر مشروعية الإضراب
الفقرة الثانية: مدى مشروعية بعض أنواع الإضراب
المبحث الثاني:تنظيم ممارسة حق الإضراب من خلال مشروع القانون التنظيمي و القوانين المقارنة
المطلب الأول: شروط ممارسة حق الإضراب
الفقرة الأولى: الشروط المتعلقة بالمرحلة السابقة للإضراب
الفقرة الثانية: شروط تنفيذ الإضراب
المطلب الثاني: آثار ممارسة حق الإضراب
الفقرة الأولى: آثار الإضراب على الأجراء المضربين و الأجر
الفقرة الثانية: أثار الإضراب بالنسبة للأجراء غير المضربين و الأغيار



----       التالي>

الاسمبريد إلكترونيرسالة